للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي آخرها خيرًا إلَّا قال الله لملائكته (١): أُشْهِدُكم أَنِّي قد غَفَرْتُ لِعَبْدِي ما بين طَرَفيها" (٢). خرَّجه الطبرانيُّ وغيرُه، وهو موجودٌ في بعض نسخ كتاب الترمذي.

وفي حديثٍ آخرَ مرفوعٍ: "ابنَ آدمَ اذكُرْني من أوَّلِ النَّهارِ ساعةً ومِن آخرِ النَّهارِ ساعةً اغفرْ لكَ ما بينَ ذلك، إلا الكبائرَ أو تتوبَ منها" (٣). وقال ابن المبارك: مَن ختمَ نهارَه بذكرِ الله (٤) كُتِبَ نهارُه كلُّه ذكرًا. يشيرُ إلى أن الأعمالَ بالخواتيم، فإذا كان البُداءَةُ والختامُ ذِكرًا فهو أولى أن يكون حكمُ الذكر شاملًا للجميع. ويتعيَّنُ افتتاحُ (٥) العام بتوبةٍ نصوحٍ تمحو ما سلفَ من الذُّنوبِ السالفةِ في الأيام الخالية.

قطعْتَ شُهورَ العَامِ لَهْوًا وَغَفْلَةً … ولم تحترِمْ فيما أتيتَ المُحَرَّما

فلا رَجَبًا وافيْتَ فيهِ بحقِّهِ … ولا صُمْتَ شهرَ الصَّومِ صَوْمًا مُتمَّما

ولا في لياليْ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ الذي … مَضَى كُنْتَ قوَّامًا ولا كُنْتَ مُحْرِمَا

فهلْ لكَ أنْ تَمحُوَ الذُّنوبَ بِعَبْرَةٍ … وتبكِي عليها حَسْرَةً وَتَنَدُّما

وتَسْتَقبِلَ العامَ الجَديدَ بتوبةٍ … لعلَّكَ أن تمحو بها ما تَقَدَّما

وقد (٦) سمَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المحرَّمَ شهرَ اللهِ. وإضافته إلى الله تدُلُّ على شرفه وفَضْلِهِ، فإنَّ الله تعالى لا يضيفُ إليه إلا خواصَّ مخلوقاته، كما نسَبَ محمدًا وإبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ وغيرَهم من الأنبياء - صلوات الله عليهم وسلامه - إلى عبوديته، ونسَبَ إليه بيته (٧) وناقته.


(١) في آ، ع: "للملائكة".
(٢) ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١٠/ ٢٠٨ من حديث أنس بن مالك بلفظ مقارب، وقال: "رواه البزار، وفيه تمام بن نجيح، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه البخاري وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح".
(٣) رواه الطبراني عن ابن عمر، وليس فيه لفظ "إلا الكبائر أو تتوب منها". الكنز برقم (٢١٥٢٤). وأخرح أبو نعيم في "الحلية" ٨/ ٢١٣ عن محمد بن صبيح، عن جبير، عن الحسن، عن أبي هريرة: "ابن آدم! اذكرني بعد الفجر وبعد العصر ساعة أكفك ما بينهما". قال أبو نعيم: غريب من حديث الحسن عن أبي هريرة، لم يروه عنه إلا جبير.
(٤) لفظ الجلالة لم يرد في ب، ش، ع، ط.
(٥) في آ، ش، ع: "استفتاح".
(٦) من هنا وحتى قوله: "وهو الصيام" ورد في آ قبل الأبيات.
(٧) في آ: "بيته وما فيه". وأراد ببيته بيتَ الله المحرَّم؛ قال تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}. وأراد بناقته ناقة الله؛ قال تعالى: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ}.

<<  <   >  >>