للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كم يسترُ الصَّادقون أحوالَهم وريحُ الصِّدْقِ ينُمُّ عليهم.

ما أَسرَّ أحدٌ سَريرةً إلا ألبسَهُ اللهُ رداءَها علانِيةً.

كم أكتُمُ حُبَّكُم عن الأغيارِ … والدَّمعُ يُذيعُ في الهوَى أسراري

كم أستُركم هتكتمُوا أستارِي (١) … مَن يُخفي في الهوَى لهيبَ النَّارِ

ريحُ (٢) الصائم (٣) أطيبُ عند الله من ريحِ المسك، فكلَّما اجتهَدَ صاحبُه على إخفائه فاحَ ريحُه للقلوبِ فَتَسْتَنشِقُه الأرواحُ، وربَّما ظهرَ بعدَ الموت ويومَ القيامةِ.

فكاتِمُ الحُبِّ يَوْمَ البَيْنِ مُنْهَتِكٌ … وصاحِبُ الوَجْدِ لا تخفَى سَرائرُهُ

ولمَّا دُفنَ عبدُ الله بنُ غالب (٤) كان يفوحُ مِن ترابِ قبرِه رائحةُ المِسْكِ، فرؤي في المنامِ، فسُئل عن تلك الرائحةِ التي توجدُ من قبرِه، فقال: تلكَ رائحةُ التلاوة والظَّمأِ.

وجاء في حديثٍ مرفوعٍ: "يخرُجُ الصائمونَ مِن قُبُورِهم يُعرَفونَ بريحِ صيامِهم؛ أفواهُهُم أَطيبُ مِن رِيحِ المِسْكِ".

وَهَبْنِي كَتَمْتُ السِّرَّ أو قُلْتُ غيرَهُ … أتخفَى على أهلِ القُلُوبِ السَّرائرُ

أَبَى ذَاكَ أن السِّرَّ في الوجهِ ناطِقٌ … وأنَّ ضميرَ القلبِ في العينِ ظاهِرُ

* * *


(١) في ط: "أسراري".
(٢) لفظة "ريح" سقطت من آ.
(٣) في آ: "الصيام".
(٤) عبد الله بن غالب الحُدَّاني البصري، العابد، صدوق، قليل الحديث، قتل مع ابن الأشعث سنة ٨٣ هـ. (انظر خبره في صفة الصفوة ٣/ ٣٣٤).

<<  <   >  >>