للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي الدنيا من حديث أبي أمامة أنَّ رجلًا قال: يا رسولَ الله، أيُّ الليل (١) أفضلُ؟ قال: جوفُ الليل الأوسَطِ. قال: أيُّ الدُّعاءِ أسمعُ؟ قال: دُبُرَ الصَّلوات (٢) المكتوباتِ.

وخرَّجه الترمذي والنسائي، ولفظهما أنه سأله (٣): أيُّ الدُّعاءِ أسمعُ؟ قال: جوف الليلِ الأخيرِ، ودُبُرَ الصلواتِ المكتوباتِ" (٤). وخرَّج الترمذي (٥) من حديث عمرو بن عبَسَة (٦) [أنه] (٧) سمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "أقربُ ما يكونُ الربُّ من العَبْدِ في جَوْفِ الليلِ، فإن استطعْتَ أن تكونَ ممَّن يذكُرُ الله في تلك الساعةِ فكُنْ".

ويُروى أن داودَ عليه السلام، قال: يا ربّ، أيُّ وقتٍ أقومُ لك؟ قال: لا تقمْ أوَّلَ الليلِ، ولا آخِرَه، ولكن قُمْ وسَطَ الليلِ حتَّى تخلو بي وأخلُو بك، وارفَعْ إليَّ حوائجَكَ. وفي الأثَر المشهور: كَذَبَ مَن ادَّعَى محبَّتي، فإذا جنَّه الليلُ نام عنِّي، أليس كلُّ مُحبٍّ يُحبُّ خلوةَ حبيبِهِ، فها أنا ذا مُطّلعٌ على أحبابي، إذا جنَّهم الليلُ جعلْتُ أبصارَهُم في قلوبهم، فخاطَبُوني على المشاهدة، وكلَّمُوني على حُضوري، غدًا أُقِرُّ أعيُنَ أحبابي في جِناني.

اللَّيلُ لي ولأحبابي أُحَادِثهُمْ … قد اصْطفيتُهُم كَيْ يَسْمَعُوا ويَعُوا

لَهُم قلوبٌ باسْراري لها (٨) مُلئتْ … على ودادِي وإرشادِي لهم طُبعُوا

سَروا فما وَهَنُوا عَجْزًا ولا ضَعُفُوا … وواصَلُوا حَبْلَ تقريبي فما انقطعُوا

ما عندَ المحبِّينَ ألذُّ مِن أوقاتِ الخَلْوةِ بمناجاةِ محبوبهم، هو شفاءُ قلوبهم، ونهايةُ مطلوبهم.

كَتَمْتُ اسْمَ الحَبيبِ مِنَ العِبادِ … وَرَدَّدْتُ الصَّبَابةَ في فؤادِي


(١) في ب، ش، ط: "الصلاة".
(٢) لفظ "الصلوات" لم يرد في ب، ش، ط.
(٣) في آ: "سأل".
(٤) رواه الترمذي رقم (٣٤٩٤) في الدعوات، باب رقم (٨٠)، وقال: هذا حديث حسن.
(٥) رواه الترمذي رقم (٣٥٧٤) في الدعوات، باب رقم (١٢٩) وصححه، وهو كما قال، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه والنسائي والحاكم وصححه.
(٦) تحرفت في المطبوع إلى "عنبسة". وهو عمرو بن عَبَسَةَ بن عامر بن خالد السّلمي، أبو نجيح. صحابي مشهور، أحد السابقين، ومن كان يقال: هو ربع الإِسلام.
(٧) زيادة من نسخة (ش).
(٨) في ط: "بها".

<<  <   >  >>