للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلُّوا ركعتين في ظلمة الليل لوحشة (١) القبور، تصدَّقوا بصدقةٍ (٢) لشرِّ يومٍ عسيرٍ (٣) أين رجالُ الليل، أين الحسنُ وسفيانُ وفُضَيل؟

يا رجالَ الليلِ جِدُّوا … رُبَّ داعٍ لا يُرَدُّ

ما يقومُ اللَّيلَ إلَّا … مَنْ لَهُ عَزْمٌ وجِدُّ

ليسَ شيءٌ كَصَلاةِ … اللَّيل للقَبْرِ يُعَدُّ

صلَّى كثيرٌ من السَّلَفِ صلاةَ الصُّبحِ بِوضوءِ العشاءِ عشرين سنةً، ومنهم من صلَّى كذلك أربعين سنة. قال بعضُهم: منذ أربعين سنةً ما أحزنني إلا طلوعُ الفجر.

قال ثابت: كَابَدْتُ (٤) قيامَ الليل عشرين سنةً، وتنعَّمتُ به عشرين سنة أخرى. أفضَلُ قيام الليلِ وسَطُه. قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أفضَلُ القيامِ قيامُ داودَ، كان يَنَامُ نِصْفَ الليلِ، ويقومُ ثلثَه، وينامُ سُدُسَه" (٥).

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمعَ الصَّارِخَ يقومُ للصَّلاة (٦). والصَّارِخُ: الدِّيكُ، وهو يصيحُ وسَطَ الليل.

وخرَّج النسائي عن أبي ذر، قال: سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الليلِ خيرٌ؟ قال: جوفُهُ (٧). وخرَّج الإمامُ أحمد (٨)، عن أبي ذر، قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّ قيامِ الليلِ أفضلُ؟ قال: "جَوْفُ الليل الغابِر، أو نصفُ الليلِ، وقليلٌ فاعِلُه". وخرَّج ابنُ


(١) في ب، ط، ع: "لظلمة".
(٢) في آ، ع: "صدقة".
(٣) أخرجه ابن الجوزي بنحوه في "صفة الصفوة" ١/ ٥٩٢.
(٤) كابد الأمر: قاسَى شدته.
(٥) في "صحيح البخاري" رقم (١١٣١) في التهجد، باب من نام عند السحر. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أحَبُّ الصَّلاة إلى الله صلاة داو عليه السلام، وأحبُّ الصيام إلى الله صيامُ داود، وكان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا".
(٦) في ع وهامش ب عن نسخة: "إلى الصلاة". والحديث أخرجه البخاري رقم (١١٣٢) في التهجد، باب من نام عند السحر؛ ومسلم رقم (٧٤١)، في صلاة المسافرين، باب صلاة الليل؛ عن عائشة رضي الله عنها.
(٧) من حديث طويل أخرجه النسائي عن عمرو بن عَبَسَة رقم (٥٧٢) و (٥٨٤) مواقيت.
(٨) مسند أحمد ٥/ ١٧٩. والغابر من الليل: ما بقي منه.

<<  <   >  >>