للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيصلي، فيقولُ اللهُ لملائكته: أرى عبدي هذا يعلم أن له ربًّا يغفرُ الذنبَ (١)، فانظروا ما يطلُبُ، فتقول الملائكةُ: أي ربّ، رضاكَ ومغفرتكَ، فيقول: اشهدوا أني قد غَفَرْتُ له [ورضيت عنه] (٢). ورجلٌ يقومُ من الليل، فيقولُ الله عزَّ وجلَّ: أليسَ قد جعلْتُ الليلَ سكنًا والنومَ سُبَاتًا، فقام عبدي هذا يصلي، يعلم أن له ربًّا [يغفر الذنوب] (٣)، فيقولُ الله لملائكته: انظروا ما يطلبُ عبدي هذا، فتقولُ الملائكةُ: يا رب، رضاكَ ومغفرتكَ، فيقول: اشهدوا أنِّي قد غفرْتُ له". وذكر الثالث الذي يكونُ في فئةٍ فيفِرُّ أصحابُه ويثبُتُ هو. وهو مذكورٌ أيضًا في كلِّ الأحاديثِ المتقدِّمة.

وفي "المسند" و"صحيحِ ابن حِبَّان" عن عُقبةَ بن عامرٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "رجلان من أمتي يقومُ أحدُهما من الليل يعالج (٤) نفسه إلى الطَّهُور، وعليه عُقَدٌ، فيتوضأ، فإذا وضَّأَ يَدَيْه انحلَّتْ عُقْدَةٌ، وإذا وضَّأَ وَجْهَه انحلَّتْ عُقْدَة، وإذا مَسَحَ رأسَه انحلَّتْ عُقْدَةٌ، وإذا وضَّأَ رجليه انحلَّتْ عقدَةٌ. فيقولُ الربُّ عزَّ وجلَّ للذين وراءَ الحِجاب: انظُروا إلى عبدِي هذا يُعالِجُ نفسَه [يسألني] (٥)، ما سألني عبدي هذا فهو له" (٦). وفي الصحيحين (٧) أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ الله - يعني ابنَ عمر - لو كان يُصلِّي من الليل. فكان عبدُ الله لا ينام بعد ذلك من الليل إلا قليلًا".

كان أبو ذر رضي الله عنه يقول للناس: أرأيتم لو أن أحدَكم أرادَ سفرًا، أليس يتَّخِذُ من الزَّادِ ما يُصْلِحُه وَيُبلِّغه؟ قالوا: بلى، قال: فسفَرُ طريقِ القيامةِ أبعدُ، فخُذُوا له ما يُصلِحُكم، حُجُّوا حَجةً لِعظائم الأمور، صُوموا يومًا شديدًا حَرُّة لحرِّ يوم النّشور،


(١) في ش: "الذنوب".
(٢) زيادة من ش، ع.
(٣) زيادة من ش.
(٤) في آ، ش، ع: "فيعالج" وهي رواية ثانية، وما أثبتناه من ب، ط، وهو يوافق ما جاء في مسند أحمد ٤/ ٢٠١ وصحيح ابن حبان.
(٥) زيادة من مسند أحمد، وفي صحيح ابن حبَّان "ليسألني".
(٦) رواه أحمد في المسند ٤/ ٢٠١ و ٤/ ١٥٩، وابن حبَّان في "صحيحه" ٣/ ٣٢٩ - ٣٣٠ (ط. الرسالة). وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١/ ٢٢٤ وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير، وله سندان، رجال أحدهما ثقات.
(٧) أخرجه البخاري رقم (١١٢٢) في التهجد، باب فضل قيام الليل، وفي مواضع أخرى؛ ومسلم رقم (٢٤٧٨) و (٢٤٧٩) في فضائل الصحابة، باب فضائل عبد الله بن عمر.

<<  <   >  >>