للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رمضانَ كان رمضانُ هو الذي يصومُه، فتَرك يومَ عاشوراءَ، فَمَن شاءَ صامهُ، ومَن شاء أفطرَهُ" (١). وفي رواية للبخاري (٢): وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ شَاءَ فليصم (٣)، ومن شاء أفطرَ".

الحالة الثانية: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قدِمَ المدينةَ ورأى صيامَ أهلِ الكتاب لهُ وتعظيمَهم لهُ، وكان يحبُّ موافقَتَهم فيما لم يؤمَرْ به، صامَة، وأمَرَ النَّاسَ بصيَامه، وأكَّدَ الأمْرَ بصيامه، والحثَّ عليه، حتَّى كانوا يُصَوِّمُونَه أطفالهُم.

ففي الصحيحين عن ابن عباس، قال: "قدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ فوجَدَ اليهودَ صُيَّامًا يومَ عاشوراءَ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا اليومُ الذي تصُومُونه؟ قالوا: هذا يومٌ عظيم أنجى (٤) الله فيه موسى وقومَه، وأغرَق فرعونَ وقومَه، فصَامَهُ مُوسى شُكرًا، فنحنُ نصُومُهُ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: فنحنُ أحقُّ وأولى بموسى منكم، فصَامَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمَرَ بصيامه (٥).

وفي مسند الإمام أحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: مرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأناسٍ من اليهود قد صاموا يوم (٦) عاشوراء، فقال: ما هذا من الصَّوم؟ قالوا: هذا اليومُ الذي نجَّى الله عزَّ وجلَّ فيه (٧) موسى عليه السلام وبني إسرائيلَ من الغَرَقِ، وغَرَّق (٨) فيه فرعون. وهذا يومٌ استوت فيه السفينة على الجُودِي (٩)، فصامَ نوحٌ وموسى


(١) رواه البخاري رقم (٢٠٠٢) في الصوم، باب صوم يومٍ عاشوراء، وباب وجوب الصوم، وفي الحج، باب قول الله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ}، وفي فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب أيام الجاهلية، وفي تفسير سورة البقرة، باب {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، ومسلم رقم (١١٢٥) في الصيام، باب صوم عاشوراء.
(٢) هي في فتح الباري ٤/ ٢٤٤ رقم (٢٠٠٣): "فمن شاء فلْيَصُمْ، ومن شاء فليفطر".
(٣) في ب، ط: "فليصمه".
(٤) في ش: "نجَّى".
(٥) رواه البخاري رقم (٢٠٠٤) في الصوم، باب صيام يوم عاشوراء، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى}، وفي فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب إتيان اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة، وفي تفسير سورة يونس، وفي تفسير سورة طه. ورواه مسلم رقم (١١٣٠) في الصيام، باب صوم يوم عاشوراء.
(٦) لفظة "يوم" وردت في نسخة آ فقط.
(٧) لفظة "فيه" لم ترد في ب، ط.
(٨) في ش: "وإغرق".
(٩) الجُودِي: جبل مطِلٌّ على جزيرة ابن عمر في الجانب الشرقي من دجلة من أعمال الموصل، عليه استوت سفينة نوح عليه السلام. (ياقوت).

<<  <   >  >>