الحكام صلوات الله وسلامه عليه يعلم من المنافقين ما يبيح دماءهم وأموالهم، ويتحقق ذلك، ولا يحكم فيهم بعلمه، مع براءته عند الله وملائكته وعباده من كل تهمة".
قال: "ولكن يجوز له "أي: القاضي" الحكم بما تواتر عنده وتضافرت به الأخبار اشترك في العلم به هو وغيرهن ويجوز له الاعتماد على سماعه بالاستفاضة؛ لأنها من أظهر البينات، ولا يتطرق إلى الحاكم تهمة إذا استند إليها؛ فحكمه بها حكم بحجة، لا بمجرد علمه الذي لا يشاركه فيه غيره" انتهى.
وإن قال المدعي: ما لي بينه؛ أعلمة القاضي أن له اليمين على خصمه؛ لما روى مسلم وأبو داود: أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسل حضرمى وكندي، فقال الحضرمي: يا رسول الله! إن هذا غلبتي على أرض لي، فقال الكندي: هي أرضي وفي يدي وليس له فيها حق، فقال النبي صلى الله عليه وسل للحضرمي: "ألك بينة؟ "، قال: "فلك يمينه".
قال الإمام ابن القيم: "وهذه قاعدة الشريعة المستمرة؛ لأن اليمين إنما كانت في كانت في جانب المدعي عليه حيث لم يترجح المدعي بشيء غير الدعوى، فيكون جانب المدعى عليه أولى باليمين؛ لقوته بأصل براءة الذمة، فكان هو أقوى المتداعيين باستصحاب الأصل، فكانت اليمين من جهته" انتهى.