ذلك حتى يوفي ما عليه، فإن أصر على المماطلة؛ فإن الحاكم يتدخل فيبيع ماله ويسدد منه ديونه؛ لأن الحاكم يقوم مقام الممتنع، ولأجل إزالة الضرر عن الدائنين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا ضرر ولا ضرار".
ومما مر يتضح أن المدين له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون الدين مؤجلاً عليه؛ فهذا لا يطالب بالدين حتى يحل، ولا يلزمه أداؤه قبل حلوله، وإذا كان ما لديه من المال أقل مما عليه من الدين المؤجل؛ فإنه لا يحجر عليه من أجل ذلك، ولا يمنع من التصرف في ماله.
الحالة الثانية: أن يكون الدين حالا؛ فللمدين حينئذ حالتان:
الأولى: أن يكون ماله أكثر من الدين الذي عليه؛ فهذا لا يحجر عليه في ماله، ولكن يؤمر برفاء الدين إذا طالب بذلك دائنه، فإن امتنع؛ حبس وعزر حتى يوفي دينه، فإن صبر على الحبس والتعزير، وامتنع من تسديد الدين؛ فإن الحاكم يتدخل ويوفي دينه من ماله ويبيع ما يحتاج إلى بيع من أجل ذلك.
الثانية: أن يكون ماله أقل مما عليه من الدين الحال؛ فهذا يحجر عليه التصرف في ماله إذا طالب غرماؤه بذلك؛ لئلا يضربهم؛ لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ وباع ماله"، رواه الدارقطني والحاكم وصححه. وقال ابن الصلاح:"إنه حديث ثابت".