وإذا حجر عليه في هذه الحالة؛ فإنه يعلن عنه، وظهر للناس أنه محجور عليه؛ لئلا يغتروا به ويتعاملوا معه، فتضيع أموالهم.
ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام:
الحكم الأول: أنه يتعلق حق الغرماء بماله الموجود قبل الحجر، وبماله الحادث بعد الحجر؛ بإرث أو أرش جناية أو هبة أو وصية أو غير ذلك، فيلحقه الحجر كالموجود قبل الحجر؛ فلا ينفذ تصرف المحجور عليه في ماله بعد الحجر بأي نوع من أنواع التصرف، ولا يصح إقراره لأحد على شيء من ماله؛ لأن حقوق الغرماء متعلقة بأعيانه، فلم يقبل الإقرار عليه، وحتى قبل الحجر عليه يحرم عليه التصرف في ماله تصرفا يضر بغرمائه.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:"إذا استغرقت الديون ماله؛ لم يصح تبرعه بما يضر بأرباب الديون، سواء حجر عليه الحاكم أولم يحجر عليه، هذا مذهب مالك واختيار شيخنا [يريد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله] ، قال: "وهو الصحيح، وهو الذي لا يليق بأصول المذهب غيره، بل هو مقتضى أصول الشرع وقواعده؛ لأن حق الغرماء قد تعلق بماله، ولهذا يحجر الحاكم عليه، ولولا تعلق حق الغرماء بماله؛ لم يسع الحاكم الحجر عليه، فصار كالمريض مرض الموت، وفي تمكين هذا المدين من التبرع إبطال حقوق الغرماء، والشريعة لا تأتي بمثل هذا؛ فإنما جاءت بحفظ حقوق أرباب الحقوق بكل طريق وسد الطريق المفضية إلى إضاعتها" انتهى كلامه رحمه الله.