المريض فيه لازما كتصرف الصحيح، وتصح عطيته من جميع ماله، ولو تطور إلى مرض مخوف ومات منه؛ اعتبارًا بحاله حال العطية؛ لأنه في حال العطية في حكم الصحيح.
ثانيا: مرض مخوف، بمعنى: أنه يتوقع منه الموت عادة؛ فإن تبرعات المريض في هذا المرض وعطاياه تنفذ من ثلثه لا من رأس المال، فإن كانت في حدود الثلث فما دون؛ نفذت، وإن ذادت عن ذلك؛ فإنها لا تنفذ؛ إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم"، رواه ابن ماجه والدارقطني.
فدل هذا الحديث وما ورد بمعناه على الإذن بالتصرف في ثلث المال عند الوفاة، وهو مذهب جمهور العلماء، ولأنه في حال المرض المخوف يغلب موته به، فكانت عطيته من رأس المال تجحف بالوارث، فردت إلى الثلث كالوصية.
ومثل حالة المرض المخوف في حكم التصرف المالي: حالة الخطر؛ كمن وقع الوباء في بلده، أو كان بين الصفين في القتال، أو كان في لجة البحر عند هيجانه؛ فإنه لا ينفذ تبرعه في تلك الحال فيما زاد على الثلث؛ إلا بإجازة الورثة بعد الموت، ولا يصح تبرعه في تلك الحال لأحد ورثته بشيء؛ إلا بإجازة الورثة إن مات في هذه الحال، فإن عوفي من المرض المخوف؛ نفذت عطاياه كلها؛ لعدم المانع.