قوله تعالى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِك} ؛ أي: في العدة؛ فمفهوم الآية أنها إذا فرغت عدتها؛ لم تبح؛ إلا بعقد جديد بشرطه، وإذا راجعها في العدة رجعة صحيحة مستوفية لشروطها؛ لم يملك من الطلاق إلا ما بقي من عدده. وإذا استوفى ما يملك من الطلاق؛ حرمت عليه؛ حتى يطأها زوج غيره بنكاح صحيح؛ فيشترط لحلها للأول ثلاثة شروط: أن تنكح زوجا غيره، وأن يكون النكاح صحيحا، وأن يطأها الزوج الثاني في الفرج؛ لقوله تعالى:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} .
قال العلامة ابن القيم:"وإباحتها له بعد زوج من أعظم النعم، وكانت شريعة التوارة ما لم تتزوج، وشريعة الإنجيل المنع من الطلاق ألبتة، وشرعيتنا أكمل وأقوم بمصالح العباد، فأباح له أربعا، وأن يتسرَّى بما شاء، وملكه أن يفارقها، فإن تاقت نفسه إليها؛ وجد السبيل إلى ردها، فإذا طلقها الثالثة؛ لم يبق له عليها سبيل بردها إلا بعد نكاح ثان رغبة" انتهى.
أي: لا بد أن يكون نكاح الثاني لها نكاح رغبة فيها، لا نكاح حلية يقصد به تحليها للأول، وإلا كان تيس امستعارًا؛ كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم، ونكاحه باطل، لا تحل به للأول. والله أعلم.