والقصاص هو فعل مجني عليه أو فعل وليه بجان مثل فعله أو شبهه، وحكمته التشفي وبرد حرارة الغيظ؛ فقد شرع الله القصاص زجرًا عن العدوان، واستدراكا لما في النفوس، وإذاقة للجاني ما أذاقه المجني عليه، وفيه بقاء وحياة النوع الإنساني.
وكانت الجاهلية تبالغ في الانتقام، وتأخذ في الجريمة غير المجرم، وهذا جور لا يحصل به المقصود، بل هو زيادة فتنة وإطاشة للدماء، وقد جاء دين الإسلام وشريعته الكاملة بتشريع القصاص وإيقاع العقاب بالجاني وحده؛ فحصل بذلك العدل والرحمة وحقن الدماء.
وقد سبق بيان شرط وجوب القصاص، لكن تلك الشروط لو توفرت ووجب القصاص؛ فإنه لا يجوز تنفيذه؛ إلا بعد توفر شروط أخرى ذكرها الفقهاء رحمهم الله، وسموها:
شروط استيفاء القصاص، وهي ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون مستحق القصاص مكلفا؛ أي: بالغا عاقلاً، فإن كان مستحق القصاص أو بعض مستحقيه صبيا أو مجنونا؛ لم يستوفه لهما وليهما؛ لأن القصاص لما فيه من التشفي والانتقام ولا يحصل ذلك لمستحقه باستيفاء غيره؛ فيجب الانتظار في تنفيذ القصاص، ويحبس الجاني إلى حين بلوغ الصغير وإفاقة المجنون من مستحقيه؛ لأن معاوية حبس هدبة بن خشرم في قصاص، حتى بلغ ابن القتيل، وكان ذلك في عصر الصحابة، لم ينكر، فكان إجماعا من الصحابة الذين في عصر معاوية. رضى الله عنه