فإن احتاج الصغير أو المجنون من أولياء القصاص إلى نفقة؛ فلولي المجنون فقط العفو إلى الدية؛ لأن المجنون لا يدري متى يزول بخلاف الصبي.
الشرط الثاني: اتفاق الأولياء والمشتركين في القصاص على استيفائه، وليس لبعضهم أن ينفرد به دون البعض الآخر؛ لأن الاستيفاء حق مشترك، لا يمكن تبعيضه، فإذا استوفى بعضهم؛ كان مستوفيا لحق غيره بغير إذنه، ولا ولاية عليه.
وإن كان من بقي من الشركاء في استحقاق القصاص غائبا أو صغيرًا أو مجنونا؛ انتظر قدوم الغائب وبلوغ الصغير وعقل المجنون منهم.
ومن مات من مستحقي القصاص؛ قام وارثه مقامه.
وإن عفا بعض المشتركين في استحقاق القصاص؛ سقط القصاص.
ويشترك في استحقاق القصاص جميع الورثة بالنسب والسبب: الرجال والنساء، الكبار والصغار، وقال بعض العلماء: إن العفو يختص بالعصبة فقط، وهو قول الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
الشرط الثالث: أن يؤمن الاستيفاء أن يتعدى إلى غير الجاني؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً} .
فإذا أفضى القصاص إلى التعدي؛ فهو إسراف، وقد دلت الآية الكريمة على المنع منه، فإذا وجب على حامل أو من حملت بعد وجوب القصاص عليها؛ لم تقتل حتى تضع ولدها؛ لأن قتلها يتعدى إلى الجنين، وهو بريء، وقد قال الله تعالى:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ،