وأعراضهم وأموالهم، كما هو المشاهد في المجتمعات التي تقيم حدود الله؛ فإنه يتحقق فيها من الأمن والاستقرار وطيب العيش ما لا ينكره؛ بخلاف المجتمعات التي عطلت حدود الله، وزعمت أنها وحشية، وأنها لا تليق بالحضارة المعاصرة، فحرمت مجتمعاتها من هذه العدالة الإلهية، ومن نعمة الأمن والاستقرار، وإن كانت تملك من الأسلحة والأجهزة الدقيقة ما تملك؛ فإن ذلك لا يغني عنها شيئا، حتى تقيم حدود الله التي شرعها لمصالح عباده؛ فإن المجتمعات البشرية لا تحكم بالحديد والآلة فقط، وإنما تحكم بشريعة الله وحدوده، وإنما الحديد والأجهزة آلة لتنفيذ الحدود الشرعية، إذا أحسن استعمالها، وكيف هؤلاء المنحرفون حدود الله التي هي هدى ورحمة للعالمين؟! كيف يسمونها وحشية ولا يسمون عمل المجرم المعتدي وحشية وهو يروع الآمنين ويجني على الأبرياء ويخلخل أمن المجتمع؟! إن هذا هو الوحشية، وإن الذي عليه أظلم منه وأشد منه وحشية، ولكن إذا انتكست العقول وفسدت الفطر فإنها ترى الحق باطلاً والباطل حقا؛ كما قال الشاعر:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم
وهذا؛ ولا يجوز تطبيق الحد على الجاني؛ إلا إذا توفرت شروط تطبيقه، وهي كما يلي:
الشرط الأول: أن يكون مرتكب الجريمة بالغا عاقلاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: الصغير حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق، والنائم