ومعنى الآية الكريمة: أن الذين يقذفون بالزنى المحصنات الحرائر العفائف العاقلات، ثم لم يأت هؤلاء القذفة بأربعة شهداء على ما رموهن به؛ فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولا فرق بين كون المقذوف ذكرًا أو أنثى، وإنما خص النساء بالذكر؛ لخصوص الواقعة، ولأن قذف النساء أشنع وأغلب
وإنما استحق القاذف هذه العقوبة صيانة لأغراض المسلمين عن التدنيس، ولأجل كف الألسن عن هذه الألفاظ الذرة التي تلطخ أغراض الأبرياء، وصيانة للمجتمع الإسلامي عن شيوع الفاحشة فيه.
والمحصن الذي يجب الحد بقذفه هو الحر المسلم العاقل العفيف الذي يجامع مثله.
قال ابن رشد:"اتفقوا على أن من شروط المقذوف أن يجتمع فيه خمسة أوصاف: البلوغ، والحرية، والعفاف، والإسلام، وأن يكون معه آلة الزنى، فإن انخرم من هذه الأوصاف وصف؛ لم يجب الحد".
وحد القذف حق للمقذوف؛ يسقط بعفوه، ولا يقام إلا بطلبه، فإذا عفا المقذوف عن القاذف؛ سقط الحد عنه، ولكنه يعزَّر بما يردعه عن التمادي في القذف المحرم المتوعَّد عليه باللعن والعذاب الأليم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"لا يحدُّ القاذف إلا بالطلب إجماعا" انتهى.