ومن قذف غائبا؛ لم يحد حتى يحضر المقذوف ويطالب، أو تثبت مطالبته بذلك في غيبته.
وألفاظ القذف تنقسم إلى قسمين:
ألفاظ صريحة لا تحتمل غير القذف؛ فلا يقبل منه تفسيره بغير القذف.
وألفاظ كنايات تحتمل القذف وغيره، فإذا فسرها بغير القذف؛ قبل منه.
فالألفاظ الصريحة؛ مثل قوله: يا زاني، يا لوطي، يا عاهر، وكنايته مثل: يا قحبة، يا فاجرة، يا خبيثة، فإذا قال القاذف: أردت بالقحبة أنها تتصنع للفجور، أو قال: أردت بالفاجرة أنها مخالفة لزوجها فيما يجب طاعته فيه، وأردت بالخبيثة أنها خبيثة الطبع؛ قبل منه هذا التفسير، ولم يجب عليه حد؛ لأن لفظه يحتمل، والحدود تدرأ بالشبهات.
وإذا قذف جماعة لا يتصور منهم الزنى أو قذف أهل بلد؛ لم يحد، وإنما يعزر بذلك؛ لأنه مقطوع بكذبة؛ فلا عار عليهم بذلك، وإنما يعزَّر لأجل تجنب هذه الألفاظ القبيحة والشتائم البذيئة، وذلك معصية يجب تأديبه عليها، ولو لم يطالبه أحد منهم.
ومن قذف نبيا من الأنبياء؛ كفر؛ لأن ذلك ردة عن الإسلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وقذف نساء النبي صلى الله عليه وسلم كقذفه؛ أي: كقذف النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم بردة القاذف".