ومن تاب منهم قبل القدرة عليه؛ سقط عنه ما كان واجبا لله تعالى من نفي عن البلد وقطع يد ورجل وتحتم قتل، وأخذ بما للآدميين من الحقوق من نفس وطرف ومال؛ إلا أن يعفى له عنها من مستحقيها؛ لقوله تعالى:{إِلاّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"اتفقوا على أن قاطع الطريق واللص ونحوهما إذا رفعوا إلى ولي الأمر، ثم تابوا بعد ذلك؛ لم يسقط الحد عنهم، بل تجب إقامته، وإن تابوا، وإن كانوا صادقين في التوبة".
فاستثناء التوبة قبل القدرة عليهم فقط؛ فالتائب بعد القدرة عليه باق فيمن وجب عليه الحد؛ للعموم والمفهوم والتفصيل، ولئلا يتخذ ذريعة إلى تعطيل حدود الله؛ ‘ذ لا يعجز عليه الحد أن يظهر التوبة ليتخلص من العقوبة.
ومن صال على نفسه من يريد قتله، أو صال على حرمته كأمه وبنته وأخته وزوجته من يريد هتك أعراضهن، أو صال على ماله من يريد أخذه أو إتلافه؛ فله الدفع عن ذلك، سواء كان الصائل آدميا أو بهيمة، فيدفعه بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه؛ لأنه لو منع من الدفع؛ لأدى ذلك إلى تلفه وأذاه في نفسه وحرمته وماله، ولأنه لو لم يجز ذلك؛ لتسلط الناس بعضهم على بعض، وإن لم يندفع الصائل إلا بالقتل؛ فله قتله، ولا ضمان عليه؛ لأنه قتله لدفع شره،