فصل: ويجوز التعريض بخطبة المعتدة عن الوفاة والطلاق الثلاث لقوله تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ}[البقرة: ٢٣٥] ولما روت فاطمة بنت قيس أن أبا حفص بن عمرو طلقها ثلاثاً فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبقيني بنفسك فزوجها بأسامة رضي الله عنه ويحرم التصريح بالخطبة لأنه لما أباح التعريض دل على أن التصريح محرم ولأن التصريح لا يحتمل غير النكاح فلا يؤمن أن يحملها الحرص على النكاح فتخبر بانقضاء العدة والتعريض يحتمل غير النكاح فلا يدعوها إلى الإخبار بانقضاء العدة وإن خالعها زوجها فاعتدت لم يحرم على الزوج التصريح بخطبتها لأنه يجوز له نكاحها فهو معها كالأجنبي مع الأجنبية في غير العدة ويحرم على غيره التصريح بخطبتها لأنها محرمة عليه وهل يحرم التعريض فيه قولان: أحدهما يحرم لأن الزوج يملك أن يستبيحها في العدة فلم يجز لغيره التعريض بخطبتها كالرجعية والثاني لا يحرم لأنها معتدة بائن فلم يحرم التعريض بخطبتها كالمطلقة ثلاثاً والمتوفى عنه زوجها والمرأة في الجواب كالرجل في الخطبة فيما يحل وفيما يحرم لأن الخطبة للعقد فلا يجوز أن يختلفا في تحليله وتحريمه والتصريح أن يقول إذا انقضت عدتك تزوجتك أو ما أشبهه والتعريض أن يقول رب راغب فيك وقال الأزهري: أنت جميلة وأنت مرغوب فيك وقال مجاهد: مات رجل وكانت امرأته تتبع الجنازة فقال لها رجل لا تسبقينا بنفسك فقال: قد سبقك غيرك ويكره التعريض بالجماع لقوله تعالى: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً}[البقرة: ٢٣٥] وفسر الشافعي رحمه الله السر بالجماع فسماه سراً لأنه يفعل سراً وأنشد فيه قول امرئ القيس:
ألا زعمت بسبابة اليوم أنني ... كبرت وأن لا يحس السر أمثالي
ولأن ذكر الجماع دناءة وسخف.
فصل: ومن خطب امرأة فصرح له بالإجابة حرم على غيره خطبتها إلا أن يأذن فيه الأول لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب الأول أو يأذن له فيخطب وإن لم يصرح له بالإجابة ولم يعرض له لم يحرم على غيره لما روي أن فاطمة بنت قيس قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن