تصح اليمين من كل مكلف مختار قاصد إلى اليمين لقوله تعالى:{لا يُؤَاخِذُكُمُ الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}[المائدة: ٨٩] وأما غير المكلف كالصبي والمجنون والنائم فلا تصح يمينه لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق". ولأنه قول يتعلق به وجوب حق فلا يصح من غير مكلف كالبيع وفيمن زال عقله بالسكر طريقان على ما ذكرناه في الطلاق وأما المكره فلا تصح يمينه لما روى واثلة بن الأسقع وأبو أمامة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على مقهور يمين". ولأنه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح كما لو أكره على كلمة الكفر وأما من لا يقصد اليمين وهو الذي يسبق لسانه إلى اليمين أو أراد اليمين على شيء فسبق لسانه إلى غيره فلا تصح يمينه لقوله عز وجل:{لا يُؤَاخِذُكُمُ الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} وروي عن ابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم أنهم قالوا هو قول الرجل لا والله وبلى والله ولأن ما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر.
فصل: ويصح اليمين على الماضي والمستقبل فإن حلف على ماض وهو صادق فلا شيء عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل اليمين على المدعى عليه ولا يجوز أن يجعل اليمين عليه إلا وهو صادق فدل على أنه يجوز أن يحلف على ما هو صادق فيه وروى محمد ابن كعب القرظي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو على المنبر وفي يده عصا: يا أيها الناس لا يمنعكم اليمين عن أخذ حقوقكم فو الذي نفسي بيده إن في يدي عصا وإن كان كاذبا وهو أن يحلف على أمر أنه كان ولم يكن أو على امرأته لم وكان أثم بذلك وهو اليمين الغموس والدليل عليه ما روي عن الشعبي رضي الله عنه عن عبد الله