للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب اللقطة]

إذا وجد الحر الرشيد لقطة يمكن حفظها وتعريفها كالذهب والفضة والجواهر والثياب فإن كان ذلك في غير الحرم جاز التقاطه للتملك لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة فقال ما كان منها في طريق مئتاء فعرفها حولاً فإن جاء صاحبها وإلا فهي لك وما كان منها في خراب ففيها وفي الركاز الخمس وله أن يلتقطها للحفظ على صاحبها لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه" وإن كانت في الحرم لم يجز أن يأخذها إلا للحفظ على صاحبها ومن أصحابنا من قال يجوز التقاطها للتملك لأنها أرض مباحة فجاز أخذ لقطتها للتملك كغير الحرم والمذهب الأول لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام إلى يوم القيامة لم يحل لأحد قبلي ولا يحل لأحد بعدي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف١" ويلزمه المقام للتعريف وإن لم يمكنه المقام دفعها إلى الحاكم ليعرفها من سهم المصالح.

فصل: وهل يجب أخذها؟ روى المزني أنه قال لا أحب تركها وقال في الأم لا يجوز تركها فمن أصحابنا من قال فيه قولان: أحدهما لا يجب لأنها أمانة فلم يجب أخذها كالوديعة والثاني يجب لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حرمة مال المؤمن كحرمة دمه" ولو خاف على نفسه لوجب حفظها فكذلك إذا خاف على ماله وقال أبو


١ رواه البخاري في كتاب العلم باب ١٩. أبو داود في كتاب المناسك باب ١٢٠. ابن ماجة في كتاب المناسك باب ١٠٣. الدارمي في كتاب البيوع باب ٦٠. أحمد في مسنده "١/٢٥٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>