إذا أسلم الزوجان المشركان على صفة لو لم يكن بينهما نكاح جاز لهما عقد النكاح أقرا على النكاح وإن عقد بغير ولي ولا شهود لأنه أسلم خلق كثير فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنكحتهم ولم يسألهم عن شروطه وإن أسلما والمرأة ممن لا تحل له كالأم والأخت لم يقرا على النكاح لأنه لا يجوز أن يبتدئ نكاحها فلا يجوز الإقرار على نكاحها وإن أسلم أحد الزوجين الوثنيين أو المجوسيين أو أسلمت المرأة والزوج يهودي أو نصراني فإن كان قبل الدخول تعجلت الفرقة وإن كان بعد الدخول وقفت الفرقة على انقضاء العدة فإن أسلم الآخر قبل انقضائها فهما على النكاح وإن لم يسلم حتى انقضت العدة حكم بالفرقة وقال أبو ثور: إن أسلم الزوج قبل الزوجة وقعت الفرقة وهذا خطأ لما روى عبد الله بن شبرمة أن الناس كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الرجل قبل المرأة والمرأة قبل الرجل فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة فهي امرأته وإن أسلم بعد انقضاء العدة فلا نكاح بينهما والفرقة الواقعة باختلاف الدين فسخ لأنها فرقة عريت عن لفظ الطلاق ونيته فكانت فسخاً كسائر الفسوخ.
فصل: وإن أسلم الحر وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن معه لزمه أن يختار أربعاً منهن لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعاً ولأن ما زاد على أربع لا يجوز إقرار المسلم عليه فإن امتنع أجبر عليه بالحبس والتعزير لأنه حق توجه عليه لا تدخله النيابة فأجبر عليه فإن أغمي عليه في الحبس خلي إلى أن يفيق لأن خرج على أن يكون من أهل الاختيار فخلي كما يخلى من عليه دين إذا أعسر به فإن أفاق أعيد إلى الحبس والتعزير إلى أن يختار ويؤخذ بنفقة جميعهن إلى أن يختار لأنهن محبوسات عليه بحكم النكاح والاختيار أن يقول اخترت نكاح هؤلاء الأربع فينفسخ نكاح البواقي أو يقول اخترت فراق هؤلاء فيثبت نكاح البواقي وإن طلق واحدة منهن كان ذلك اختياراً لنكاحها لأن الطلاق لا يكون إلا في زوجة وإن ظاهر منها أو آلى لم يكن ذلك اختياراً لأنه قد يخاطب به غير الزوج وإن وطئ واحدة ففيه وجهان: أحدهما أنه الاختيار لأن الوطء لا يجوز إلا في ملك فدل على الاختيار كوطء البائع الجارية المبيعة بشرط الخيار والثاني وهو الصحيح أنه ليس باختيار لأنه اختيار للنكاح فلم يجز بالوطء كالرجعة وإن قال كلما أسلمت واحدة منكن فقد اخترت نكاحها لم يصح لأن الاختيار كالنكاح فلم يجز تعليقه على الصفة ولا في غير معين وإن قالت كلما أسلمت واحدة منكن فقد اخترت فسخ نكاحها لم يصح لأن الفسخ