الفرائض باب من أبواب العلم وتعلمها فرض من فروض الدين والدليل عليه ما روى ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدا من يفصل بينهما١".
فصل: وإذا مات الميت بدئ من ماله بكفنه ومؤنة تجهيزه لما روى خباب بن الأرت قال: قتل مصعب بن عمير رضي الله عنه يوم أحد وليس له إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجله وإذا غطينا رجله خرج رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غطوا بها رأسه واجعلوا على رجله من الإذخر" ولأن الميراث إنما انتقل من الورثة لأنه استغنى عنه الميت وفضل عن حاجته والكفن ومؤنة التجهيز لا يستغنى عنه فقدم على الإرث ويعتبر ذلك من رأس المال لأنه حق واجب فاعتبر من رأس المال كالدين.
فصل: ثم يقضي دينه لقوله عز وجل: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١٢] ولأن الدين تستغرقه حاجته فقدم على الإرث وهل ينتقل ماله إلى الورثة قبل قضاء الدين؟ اختلف أصحابنا فيه فذهب أبو سعيد الاصطخري رحمه الله إلى أنه لا ينتقل بل هو باق على ملكه إلى أن يقضي دينه فإن حدثت منه فوائد ككسب العبد وولد الأمة ونتاج البهيمة تعلق بها حق الغرماء لأنه لو بيع كانت العهدة على الميت دون الورثة فدل على أنه باق على ملكه وذهب سائر أصحابنا إلى أنه ينتقل إلى الورثة فإن حدثت منها فوائد لم يتعلق بها حق الغرماء وهو المذهب لأنه لو كان باقياً على ملك الميت لوجب أن يرثه من أسلم أو أعتق من أقاربه قبل قضاء الدين ولوجب أن لا يرثه من مات من الورثة قبل قضاء الدين وإن كان الدين أكثر من قيمة التركة فقال الوارث أنا أفكها بقيمتها وطالب الغرماء ببيعها ففيه وجهان بناء على القولين فيما يفدي به المولى جناية العبد:
١ رواه الترمذي في كتاب الفرائض باب ٢. ابن ماجة في كتاب الفرائض باب ١. الدارمي في كتاب الفرائض باب ١.