إذا حضر الخصوم واحداً بعد واحد قدم الأول فالأول لأن الأول سبق إلى حق له فقدم على من بعده كما لو سبق إلى موضع مباح وإن حضروا في وقت واحد أو سبق بعضهم واشكل السابق أقرع بينهم فمن خرجت له القرعة قدم لأنه لا مزية لبعضهم على بعض فوجب القديم بالقرعة كما قلنا فيمن أراد السفر ببعض نسائه فإن ثبت السبق لأحدهم فقدم السابق غيره على نفسه جاز لأن الحق له فجاز أن يؤثر به غيره كما لو سبق إلى منزل مباح ولا يقدم السابق في أكثر من حكومة لأنا لو قدمناه في أكثر من حكومة استوعب المجلس بدعاويه وأضر بالباقين وإن حضر مسافرون ومقيمون في وقت واحد نظرت فإن كان المسافرون قليلاً وهم على الخروج قدموا لأن عليهم ضرراً في المقام ولا ضرر على المقيمين وحكى بعض أصحابنا فيه وجهاً آخر أنهم لا يقدمون إلا بإذن المقيمين لتساويهم في الحضور وظاهر النص هو الأول وإن كان المسافرون مثل المقيمين أو أكثرلم يجز تقديمهم من غير رضى المقيمين لأن في تقديمهم إضراراً بالمقيمين والضرر لا يزال بالضرر وإن تقدم إلى الحاكم اثنان فادعى أحدهما: على الآخر حقاً فقال المدعي قدم السابق بالدعوى لأن ما يدعيه كل واحد منهما محتمل وللسابق بالدعوى حق السبق فقدم.
فصل: وعلى الحاكم أن يسوي بين الخصمين في الدخول والإقبال عليهما والاستماع منهما لما روت أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتلي بالقضاء