تحمل الشهادة وأداؤها فرض لقوله عز وجل:{وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذا مَا دُعُوا}[البقرة: ٢٨٢] وقوله تعالى: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة: ٢٨] قال ابن عباس رضي الله عنه: من الكبائر كتمان الشهادة، فإن قام بها من فيه كفاية سقط الفرض عن الباقين لأن المقصود بها حفظ الحقوق وذلك يحصل ببعضهم، وإن كان في موضع لا يوجد فيه غيره ممن يقع به الكفاية تعين عليه لأنه لا يحصل المقصود إلا به فتعين عليه ويجب الإشهاد على عقد النكاح وقد بيناه في النكاح، وهل يجب على الرجعة فيه قولان، وقد بيناهما في الرجعة وأما ما سوى ذلك من العقود كالبيع والإجارة وغيرهما، فالمستحب أن يشهد عليه لقوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا إذا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة: ٢٨٢] ولا يجب لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع من أعرابي فرسا فجحده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من يشهد لي" فقال خزيمة بن ثابت الأنصاري: أنا أشهد لك، قال:"لم تشهد ولم تحضر" فقال نصدقك على أخبار السماء ولا نصدقك علا أخبار الأرض، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم ذات الشهادتين.
فصل: ومن كانت عنده شهادة في حد الله تعالى فالمستحب أن لا يشهد به لأنه مندوب إلى ستره ومأمور بدرئه، فإن شهد به جاز لأنه شهد أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد على المغيرة بن شعبة بالزنا عند عمر رضي الله عنه فلم ينكر عمر ولا غيره من الصحابة عليهم ذلك، ومن كانت عنده شهادة لآدمي، فإن كان صاحبها يعلم بذلك لم يشهد قبل أن يسأل لقوله عليه الصلاة والسلام: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين