يصح ضمان الدين عن الميت لما روى أبو قتادة قال: أقبل بجنازة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل على صاحبكم من دين" فقالوا عليه ديناران قال صلى الله عليه وسلم: "صلوا على صاحبكم" فقال أبو قتادة: هما علي يا رسول الله فصلى عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ويصح عن الحي لأنه دين لازم فصح ضمانه كالدين على الميت.
فصل: ويصح ذلك من كل جائز التصرف في ماله فأما من يحجر عليه لصغر أو جنون أو سفه فلا يصح ضمانه لأنه إيجاب مال بعقد فلم يصح من الصبي والمجنون والسفيه كالبيع ومن حجر عليه للفلس يصح ضمانه لأنه إيجاب مال في الذمة بالعقد فصح من المفلس كالشراء بثمن في الذمة وأما العبد فإنه إن ضمن بغير إذن المولى ففيه وجهان: قال أبو إسحاق يصح ضمانه ويتبع به إذاً عتق لأنه لا ضرر فيه على المولى لأنه يطالب به بعد العتق فصح منه كالإقرار بإتلاف ماله وقال أبو سعيد الاصطخري لا يصح لأنه عقد تضمن إيجاب مال منه فلم يصح منه بغير إذن المولى كالنكاح فإن ضمن بإذن مولاه صح ضمانه لأن الحجر لحقه فزال بإذنه ومن أين يقضي ينظر فيه فإن قال له المولى اقضه من كسبك قضاه منه وإن قال اقضه مما في يدك للتجارة قضاه منه لأن المال له وقد أذن له فيه وإن لم يذكر القضاء ففيه وجهان: أحدهما يتبع به إذا أعتق لأنه أذن في الضمان دون الأداء والثاني يقضي من كسبه إن كان له كسب أو مما في يده إن كان مأذوناً له في التجارة لأن الضمان يقتضي الغرم كما يقتضي النكاح المهر ثم إذا أذن له في النكاح وجب قضاء المهر مما في يده فكذلك إذا أذن له في الضمان وجب قضاء الغرم مما في يده فإن كان على المأذون له دين وقلنا إن دين الضمان يقضيه مما في يده فهل يشارك فيه الغرماء؟ فيه وجهان: أحدهما يشارك به لأن المال للمولى وقد أذن له في القضاء منه إما بصريح الإذن أو من جهة الحكم فوجب المشاركة به والثاني أنه لا يشارك به لأن المال تعلق به الغرماء فلا يشارك بمال الضمان كالرهن وأما المكتب فإنه ضمن بغير إذن المولى فهو كالعبد القن وإن ضمن بإذنه فهو تبرع وفي تبرعات المكاتب بإذن المولى قولان نذكرهما في المكاتب إن شاء الله تعالى.
فصل: ويصح الضمان من غير رضا المضمون عنه لأنه لما جاز قضاء دينه من غير رضاه جاز ضمان ما عليه من غير رضاه واختلف أصحابنا في رضا المضمون له فقال أبو