علي الطبري يعتبر رضاه لأنه إثبات مال في الذمة بعقد لازم فشرط فيه رضاه كالثمن في البيع وقال أبو العباس لا يعتبر لأن أبا قتادة ضمن الدين عن الميت بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعتبر النبي صلى الله عليه وسلم رضا المضمون له.
فصل: وهل يفتقر إلى معرفة المضمون له والمضمون عنه؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه يفتقر إلى معرفة المضمون عنه ليعلم أنه هل هو ممن يسدي إليه الجميل ويفتقر إلى معرفة المضمون له ليعلم هل يصلح لمعاملته أم لا يصلح كما يفتقر إلى معرفة ما تضمنه من المال هل يقدر عليه أم لا يقدر عليه والثاني أنه يفتقر إلى معرفة المضمون له لأن معاملته معه ولا يفتقر إلى معرفة المضمون عنه لأنه لا معاملة بينه وبينه والثالث أنه لا يفتقر إلى معرفة واحد منهما لأن أبا قتادة ضمن عن الميت ولم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن المضمون له والمضمون عنه.
فصل: وإن باعه بشرط أن يضمن الثمن ضامن لم يجز حتى يعين الضامن لأن الغرض يختلف باختلاف من يضمن كما يختلف باختلاف ما يرهن من الرهون وإن شرط أن يضمنه ثقة لم يجز حتى يعين لأن الثقات يتفاوتون فإن لم يف به بما شرط من الضمين ثبت للبائع الخيار لأنه دخل في العقد بشرط الوثيقة ولم يسلم له الشرط فثبت له الخيار كما لو شرط له رهناً ولم يف له بالرهن وإن شرط أن يشهد له شاهدين جاز من غير تعيين لأن الأغراض لا تختلف باختلاف الشهود فإن عين له شاهدين فهل يجوز إبدالهما بغيرهما؟ فيه وجهان: أحدهما لا يجوز كما لا يجوز في الضمان والثاني يجوز لأن الغرض لا يختلف.
فصل: ويصح ضمان كل دين لازم الثمن والأجرة وعوض القرض ودين السلم وأرش الجناية وغرامة المتلف لأنه وثيقة يستوفي منها الحق فصح في كل دين لازم كالرهن وأما ما لا يلزم بحال وهو دين الكتابة فلا يصح ضمانه لأنه لا يلزم المكاتب أداؤه فلم يلزم ضمانه ولأن الضمان يراد لتوثيق الدين ودين الكتابة لا يمكن توثيقه لأنه يملك إسقاطه إذا شاء فلا معنى لضمانه وفي مال الجعالة والثمن في مدة الخيار ثلاثة أوجه: أحدها لا يصح ضمانه لأنه دين غير لازم فلم يصح ضمانه كدين الكتابة والثاني يصح لأنه يئول إلى اللزوم فصح ضمانه والثالث يصح ضمان الثمن في مدة