إذا خاطب امرأته بلفظ من ألفاظ الطلاق كقوله أنت طالق أو بائن أو بتة أو ما أشبهها ونوى طلقتين أو ثلاثاً وقع لما روي أن ركانة ابن عبد يزيد قال: يا رسول الله إني طلقت امرأتي سهيمة البتة والله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله ما أردت إلا واحدة؟ " فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه فدل على أنه لو أراد ما زاد على واحدة لوقع ولأن اللفظ يحتمل العدد بدليل أنه يجوز أن يفسره به وهو أن يقول أنت طالق طلقتين أو ثلاثاً أو بائن بطلقتين وثلاث وما احتمله اللفظ إذا نواه وقع به الطلاق كالكناية وإن قال أنت واحدة ونوى طلقتين أو ثلاثاً ففيه وجهان: أحدهما: يقع لأنه يحتمل أن يكون معناه أنت طالق واحدة مع واحدة أو مع اثنتين والثاني: لا يقع ما زاد على واحدة لأنه صريح في واحدة ولا يحتمل ما زاد فلو أوقعنا ما زاد لكان إيقاع طلاق بالنية من غير لفظ وذلك لا يجوز وإن قال لها اختاري وقالت المرأة اخترت اتفقا على عدد ونوياه وقع ما نوياه وإن اختلفا فنوى أحدهما: طلقة ونوى الآخر ما زاد لم يقع ما زاد على طلقة لأن الطلاق يفتقر إلى تمليك الزوج وإيقاع المرأة وإذا نوى أحدهما: طلقة ونوى الآخر ما زاد لم يقع لأنه لم يوجد الإذن والإيقاع إلا في طلقة فلم يقع ما زاد.
فصل: وإن قال أنت وأشار بثلاث أصابع ونوى الطلاق الثلاث لم يقع شيء لأن قوله أنت ليس من ألفاظ الطلاق فلو أوقعنا الطلاق لكان بالنية في بيان العدد وإن قال أردت بعدد الإصبعين المقبوضتين قبل لأنه يحتمل ما يدعيه وإن قال أنت طالق وأشار بالأصابع ولم يقل هكذا وقال أردت واحدة ولم أرد العدد قبل لأنه يحتمل ما يدعيه.
فصل: وإن قال أنت طالق واحدة في اثنتين نظرت فإن نوى طلقة واحدة مع اثنتين وقعت ثلاث لأن في تستعمل بمعنى مع والدليل عليه قوله عز وجل: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}[الفجر: ٢٩ - ٣٠] والمراد مع عبادي فإن لم يكن له نية نظرت فإن لم يعرف الحساب ولا نوى مقتضاه في الحساب طلقت طلقة واحدة بقوله أنت طالق