من شهر السلاح وأخاف السبيل في مصر أوبرية وجب على الإمام طلبه لأنه إذا ترك قويت شوكته وكثر الفساد به في قتل النفوس وأخذ الأموال فإن وقع قبل أن يأخذ المال ويقتل النفس عزر وحبس على حسب ما يراه السلطان لأنه تعرض للدخول في معصية عظيمة فعزر كالمتعرض للسرقة بالنقب والمتعرض للزنا بالقبلة وإن أخذ نصاباً محرزاً بحرز مثله ممن يقطع بسرقة ماله وجب عليه قطع يده اليمنى ورجله اليسرى لما روى الشافعي عن ابن عباس أنه قال في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ونفيهم إذا هربوا أن يطلبوا حتى يؤخذوا وتقام عليهم الحدود لأنه ساوى السارق في أخذ النصاب على وجه لا يمكن الاحتراز منه فساواه في قطع اليد وزاد عليه بإخافة السبيل بشهر السلاح فغلظ بقطع الرجل فإن لم يكن له اليد اليمنى ولا الرجل اليسرى انتقل القطع إلى اليد اليسرى والرجل اليمنى لأن ما يبدأ به معدوم فتعلق الحد بما بعده وإن أخذ دون النصاب لم يقطع وخرج أبوعلي بن خيران قولاً آخر أنه لا يعتبر النصاب كما لا يعتبر التكافؤ في القتل في المحاربة في أحد القولين وهذا خطأ لأنه قطع يجب بأخذ المال فشرط فيه النصاب كالقطع في السرقة فإن أخذ المال من غير حرز بأن انفرد عن القافلة أو أخذ من جمال مقطرة ترك القائد تعاهدها لم يقطع لأنه قطع يتعلق بأخذ المال فشرط فيه الحرز كقطع السرقة.
فصل: وإن قتل ولم يأخذ المال انحتم قتله ولم يجز لولي الدم العفو عنه لما روى ابن عباس رضي الله عنه قال: نزل جبريل عليه السلام بالحد فيهم أن من قتل ولم يأخذ المال قتل والحد لا يكون إلا حتماً ولأن ما أوجب عقوبة في غير المحاربة تغلظت العقوبة فيه بالمحاربة كأخذ المال يغلظ بقطع الرجل وإن جرح جراحة توجب القود فهل يتحتم القوم فيه قولان: أحدهما: أنه يتحتم لأن ما أوجب القود في غير المحاربة انحتم القود فيه في المحاربة كالقتل والثاني: أنه لا يتحتم لأنه تغليظ لا يتبعض في النفس فلم يجب فيما دون النفس كالكفارة.