من ثبتت له الخلافة على الأمة جاز له أن يوصي بها إلى من يصلح لها لأن أبا بكر رضي الله عنه وصى إلى عمر ووصى عمر رضي الله عنه إلى أهل الشورى رضي الله عنهم ورضيت الصحابة رضي الله عنهم بذلك.
فصل: ومن ثبتت له الولاية في مال ولده ولم يكن له ولي بعده جاز له أن يوصي إلى من ينطر في ماله لما روى سفيان بن عيينة رضي الله عنه عن هشام بن عروة قال: أوصى إلى الزبير تسعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عثمان والمقداد وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود رضي الله عنهم فكان يحفظ عليهم أموالهم وينفق على أبنائهم من ماله وإن كان له جد لم يجز أن يوصي إلى غيره لأن ولاية الجد مستحقة بالشرع فلا يجوز نقلها عنه بالوصية.
فصل: ومن ثبت له الولاية في تزويج ابنته لم يجز أن يوصي إلى من يزوجها وقال أبو ثور: يجوز كما يجوز أن يوصي إلى من ينظر في مالها وهذا خطأ لما روى ابن عمر قال: زوجني قدامة بن مظعون ابنة أخيه عثمان بن مظعون فأتى قدامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنا عمها ووصي أبيها وقد زوجتها من عبد الله بن عمر فقال صلى الله عليه وسلم: "إنها يتيمة لا تنكح إلا بإذنها" ولأن ولاية النكاح لها من يستحقها بالشرع فلا يجوز نقلها بالوصية بالنظر في المال مع وجود الجد.
فصل: ومن عليه حق يدخله النيابة من دين آدمي أو حج أو زكاة أو رد وديعة جاز أن يوصي إلى من يؤدي عنه لأنه إذا جاز أن يوصي في حق غيره فلأن يجوز في خاصة نفسه أولى.
فصل: ومن ملك التصرف في ماله بالبيع والهبة ملك الوصية بثلثه في وجود البر لما روى عامر بن سعيد عن أبيه قال: مرضت مرضاً أشرفت منه على الموت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني فقلت: يا رسول الله لي مال كثير وليس يرثني إلا ابنتي أفأتصدق بمالي كله قال: "لا" قال: أتصدق بثلثي مالي قال: "لا" قلت أتصدق بالشطر قال: "لا" قلت: أتصدق بالثلث؟ قال: "الثلث والثلث كثير إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من