الكتابة جائزة لقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}[النور: ٣٣] ولا تجوز الكتابة إلا من جائز التصرف في المال لأنه عقد على المال فلم يجز إلا من جائز التصرف في المال كالبيع ولا يجوز أن يكاتب عبداً أجيراً لأن الكتابة تقتضي التمكين من التصرف والإجارة تمنع من ذلك ولا يجوز أن يكاتب عبداً مرهوناً لأن الرهن يقتضي البيع والكتابة تمنع البيع وتجوز كتابة المدبر وأم الولد لأنه عتق بصفة يجوز أن تتقدم على الموت فجاز في المدبر وأم الولد كالعتق المعلق على دخول الدار فإن كاتب مدبراً صار مكاتباً ومدبراً وقد بينا حكمه في المدبر وإن كاتب أم ولد صارت مكاتبة وأم ولد فإن أدت المال قبل موت السيد عتقت بالكتابة وإن مات السيد قبل الأداء عتقت بالاستيلاد وبطلت الكتابة.
فصل: وتجوز كتابة بعض العبد إذا كان باقيه حراً لأنه كتابة على جميع ما فيه من الرق فأشبه كناية العبد في جميعه وإن كان عبد بين اثنين فكاتبه أحدهما في نصيبه بغير إذن شريكه لم يصح لأنه لا يعطى من الصدقات ولا يمكنه الشريك من الاكتساب بالأسفار وإن كاتبه بإذن شريكه ففيه قولان: أحدهما لا يصح لما ذكرناه من نقصان كسبه والثاني يصح لأن المنع لحق الشريك فزال بالأذن وإن كان لرجل عبد فكاتبه في بعضه فالمنصوص أنه لا يصح واختلف أصحابنا فيه فذهب أكثرهم إلى أنه لا يصح قولاً واحداً كما لا يصح أن يبعض العتق فيه ومنهم من قال إذا قلنا إنه يصح أن يكاتب نصيبه في العبد المشترك بإذن لشريك صح ههنا لأن اتفاقهما على كتابة البعض كاتفاق الشريكين فإن وصى رجل بكتابة عبد وعجز الثلث عن جميعه فالمنصوص أنه يكاتب القدر الذي يحتمله الثلث فمن أصحابنا من جعل في الجميع قولين ومنهم من قال يصح في الوصية وقد فرق بينه وبين العبد المشترك بأن الكتابة في العبد المشترك غير مستحقة في جميعه والكتابة في الوصية استحقت في جميعه فإذا تعذرت في البعض لم تسقط في الباقي.
فصل: وإن طلب العبد الكتابة نظرت فإن كان له كسب وأمانة استحب أن يكاتب لقوله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} وقد فسر الخير بالكسب والأمانة ولأن المقصود بالكتابة العتق على مال وبالكسب والأمانة يتوصل إليه ولا يجب ذلك لأنه عتق فلا يجب بطلب العبد كالعتق في غير