الحكم بالإقرار واجب لقوله صلى الله عليه وسلم:"يا أنيس اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها". ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً والغامدية بإقرارهما ولأنه إذا وجب الحكم بالشهادة فلأن يجب بالإقرار وهو من الريبة أبعد وأولى.
فصل: وإن كان المقر به حقاً لآدمي أو حقاً لله تعالى لا يسقط بالشبهة كالزكاة والكفارة ودعت الحاجة إلى الإقرار به لزمه الإقرار به لقوله عز وجل: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النساء: ١٣٥] ولقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}[البقرة: ٢٨٢] والإملال هو الإقرار فإن كان حقاً لله تعالى يسقط بالشبهة فقد بيناه في كتاب الشهادة.
فصل: ولا يصح الإقرار إلا من بالغ عاقل مختار فأما الصبي والمجنون فلا يصح إقرارهما لقوله عليه الصلاة والسلام: "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق". ولأنه التزام حق بالقول فلم يصح من الصبي والمجنون كالبيع فإن أقر مراهق وادعى أنه غير بالغ فالقول قوله وعلى المقر له أن يقيم البينة على بلوغه ولا يحلف المقر لأنا حكمنا بأنه غير بالغ وأما السكران فإن كان سكره بسبب مباح فهو كالمجنون وإن كان بمعصية الله فعلى ما ذكرنا في الطلاق وأما المكره فلا يصح إقراره لقوله عليه الصلاة والسلام:"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". ولأنه قول أكره عليه بغير حق فلم يصح كالبيع ويصح إقرار السفيه والمفلس بالحد والقصاص لأنه غير متهم وأما إقراره بالمال فقد بيناه في الحجر والتفليس.
فصل: ويصح إقرار العبد بالحد والقصاص لأن الحق عليه دون مولاه ولا يقبل إقرار المولى عليه في ذلك لأن المولى لا يملك من العبد إلا المال وإن جنى رجل على