إذا كرهت المرأة زوجها لقبح منظر أو سوء عشرة وخافت أن لا تؤدي حقه جاز أن تخالعه على عوض لقوله عز وجل:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة: ٢٢٩] وروي أن جميلة بنت سهل كانت تحث ثابت بن قيس بن الشماس وكان يضربها فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: لا أنا ولا ثابت وما أعطاني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذ منها فأخذ منها فقعدت في بيتها" وإن لم تكره منه شيئاً وتراضيا على الخلع من غير سبب جاز لقوله عز وجل: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً}[النساء: ٤] ولأنه رفع عقد بالتراضي جعل لدفع الضرر فجاز من غير ضرر كالإقالة في البيع وإن ضربها أو منعها حقها طمعاً في أن تخالعه على شيء من مالها لم يجز لقوله عز وجل: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[النساء: ٢٩] فإن طلقها في هذه الحال على عوض لم يستحق العوض لأنه عقد معاوضة أكرهت عليه بغير حق فلم يستحق فيه العوض كالبيع فإن كان ذلك بعد الدخول فله أن يراجعها لأن الرجعة إنما تسقط بالعوض وقد سقط العوض فتثبت الرجعة فيه فإذا زنت لقوله عز وجل: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[النساء: ١٩] فدل على أنها إذا أتت بفاحشة جاز عضلها ليأخذ شيء من مالها والثاني أنه لا يجوز ولا يستحق فيه العوض لأنه خلع أكرهت عليه بمنع الحق فأشبه إذا منعها حقها لتخالعه من غير زنا فأما الآية فقد قيل إنها منسوخة بآية الإمساك في البيوت وهي قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ}[النساء: ١٥] ثم نسخ ذلك بالجلد والرجم ولأنه روي عن قتاده أنه فسر الفاحشة بالنشوز فعلى هذا إذا كان ذلك بعد الدخول فله أن يراجعها لما ذكرناه.
فصل: ولا يجوز للأب أن يطلق امرأة الابن الأصغر بعوض وغير عوض لما روي