إذا حلف بالله تعالى ثم حنث وجبت عليه الكفارة لما روى عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك من أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإن حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك". وإن حلف على فعل مرتين بأن قال والله لا دخلت الدار والله لا دخلت الدار نظرت فإن نوى بالثاني التأكيد لم يلزمه إلا كفارة واحدة وإن نوى الاستئناف ففيه قولان: أحدهما: يلزمه كفارتان لأنهما يمينان بالله عز وجل فتعلق بالحنث فيهما كفارتين كما لو كانت على فعلين والثاني: تجب كفارة واحدة وهو الصحيح لأن الثانية لا تفيد إلا ما أفادت الأولى فلم يجب أكثر من كفارة كما لو قصد بها التأكيد وإن لم يكن له نية فإن قلنا إنه إذا نوى الاستئناف لزمه كفارة واحدة فههنا أولى وإن قلنا هناك تجب كفارتان ففي هذا قولان بناء على القولين فيه من كرر لفظ الطلاق ولم ينو.
فصل: والكفارة إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة وهو مخير بين الثلاثة والدليل عليه قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المائدة: ٨٩] فإن لم يقدر على الثلاثة لزمه صيام ثلاثة أيام لقوله عز وجل: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ}[البقرة: ١٩٦] فإن كان يكفر بالمال فالمستحب أن لا يكفر قبل الحنث ليخرج من الخلاف فإن أبا حنيفة لا يجيز تقديم الكفارة على الحنث،