لا يجوز للعبد أن يتجر بغير إذن المولى لأن منافعه مستحقة له فلا يملك التصرف فيها بغير إذنه فإن رآه يتجر فسكت لم يصر مأذوناً لأنه تصرف يفتقر إلى الإذن فلم يكن السكوت إذناً فيه كبيع مال الأجنبي فإن اشترى شيئاً في الذمة فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو سعيد الاصطخري وأبو إسحاق لا يصح لأنه عقد معاوضة فلم يصح من العبد بغير إذن المولى كالنكاح وقال أبو علي بن أبي هريرة يصح لأنه محجور عليه لحق غيره فصح شراؤه في الذمة كالمفلس ويخالف النكاح فإنه تنقص به قيمته ويستضر به المولى فلم يصح من غير إذنه فإن قلنا إنه يصح دخل المبيع في ملك المولى لأنه كسب للعبد فكان للمولى كما لو احتشم أو اصطاد ويثبت الثمن في ذمته لأن إطلاق البيع يقتضي إيجاب الثمن في الذمة فإن علم البائع برقه لم يطالبه حتى يعتق لأنه رضي بذمته فلزمه الصبر إلى أن يقدر كما نقول فيمن باع من رجل ثم أفلس بالثمن وإن قلنا إن الشراء باطل وجب رد المبيع لأنه مقبوض عن بيع فاسد فإن تلف في يد العبد أتبع بقيمته إذا أعتق لأنه رضي بذمته وإن تلف في يد السيد جاز له مطالبة المولى في الحال ومطالبة العبد إذا عتق لأنه ثبتت يد كل واحد منهما عليه بغير حق.
فصل: وإن أذن له في التجارة صح تصرفه لأن الحجر عليه الحق المولى وقد زال وما يكتسبه للمولى لأنه إن دفع إليه مالاً فاشترى به كان المشتري عوض ماله فكان له وإن أذن له في الشراء في الذمة كان المشتري من أكسابه لأنه تناوله الإذن فإن لم يكن في يده شيء اتبع به إذا عتق لأنه دين لزمه برضى من له الحق فتعلق بذمته ولا تباع فيه رقبته لأن المولى لم يأذن له في رقبته فلم يقض منها دينه.
فصل: ولا يتجر إلا فيما أذن به لأن تصرفه بالإذن فلا يملك إلا ما دخل فيه فإن أذن له في التجارة لم يملك الإجارة ومن أصحابنا من قال يملك إجارة ما يشتريه للتجارة لأنه من فوائد المال فملك العقد عليه كالصوف واللبن والمذهب الأول لأن المأذون فيه هو التجارة والإجارة ليست من التجارة فلم يملك بالإذن من التجارة.
فصل: ولا يبيع بنسيئة ولا بدون ثمن المثل لأن إطلاق الإذن يحمل على العرف والعرف فيه هو البيع بالنقد وثمن المثل ولأنه يتصرف في حق غيره فلا يملك إلا ما فيه النظر والاحتياط وليس فيما ذكرناه نظر ولا احتياط فلا يملك ولا يسافر بالمال لأن فيه تغريرا