للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب السير]

[مدخل]

...

[كتاب السير]

من أسلم في دار الحرب ولم يقدر على إظهار دينه وقدر على الهجرة وجبت عليه الهجرة لقوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء: ٩٧] روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا بريء من كل مسلم مع مشرك". فإن لم يقدر على الهجرة لم يجب عليه لقوله عز وجل: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولَئِكَ عَسَى الله أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ الله عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء: ٩٨- ٩٩] وإن قدر على إظهار الدين ولم يخف الفتنة في الدين لم تجب عليه الهجرة لأنه لما أوجب على المستضعفين دل على أنه لا تجب على غيرهم ويستحب له أن يهاجر لقوله عز وجل: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: ٥١] ولأنه إذا أقام في دار الشرك كثر سوادهم ولأنه لا يؤمن أن يميل إليهم ولأنه ربما ملك الدار فاسترق ولده.

فصل: والجهاد فرض والدليل عليه قوله عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢١٦] وقوله تعالى: {جَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [التوبة: ٤١] وهو فرض إلى الكفاية إذا قام به من فيه كفاية سقط الفرض عن الباقين قوله عز وجل: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ الله الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ الله الْحُسْنَى} [النساء: ٩٥] ولو كان فرضاً على الجميع لما فاضل بين من فعل وبين من ترك ولأنه وعد الجميع بالحسنى يدل على أنه ليس بفرض على الجميع وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني لحيان وقال: "ليخرج من كل رجلين رجل ثم قال

<<  <  ج: ص:  >  >>