يصح الإيلاء من كل زوج بالغ عاقل قادر على الوطء لقوله عز وجل:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}[البقرة: ٢٢٦] وأما الصبي والمجنون فلا يصح الإيلاء منهما لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق". لأنه قول يختص بالزوجية فلم يصح من الصبي والمجنون كالطلاق وأما من لا يقدر على الوطء فأن كان بسبب يزول كالمريض والمحبوس صح إيلاؤه وإن كان بسبب لا يزول كالمجبوب والأشل ففيه وجهان: أحدهما: يصح إيلاؤه لأن من صح إيلاؤه إذا كان قادراً على الوطء صح إيلاؤه إذا لم يقدر كالمريض والمحبوس والثاني: قاله في الأم لا يصح إيلاؤه لأنه يمين على ترك ما لا يقدر عليه بحال فلم يصح كما لو حلف لا يصعد للسماء ولأن القصد بالإيلاء أن يمنع نفسه من الجماع باليمين وذلك لا يصح ممن لا يقدر عليه لأنه ممنوع من غير يمين ويخالف المريض والمحبوس لأنهما يقدران عليه إذا زال المرض والحبس فصح منهما المنع باليمين والمجبوب والأشل لا يقدران بحال.
فصل: ولا يصح الإيلاء إلا بالله عز وجل وهل يصح بالطلاق والعتاق والصوم والصلاة وصدقة المال فيه قولان: قال في القديم: لا يصح لأنه يمين بغير الله عز وجل فلم يصح به الإيلاء كاليمين بالنبي صلى الله عليه وسلم والكعبة وقال في الجديد: يصح وهو الصحيح لأنه يمين يلزمه بالحنث فيها حق فصح به الإيلاء كاليمين بالله عز وجل فإذا قلنا بهذا فقال إن وطئتك فعبدي حر فهو مول وإن قال إن وطئتك فلله علي أن أعتق رقبة فهو مول وإن قال إن وطئتك فأنت طالق أو امرأتي الأخرى طالق فهو مول وإن قال إن وطئتك فعلي أن أطلقك أو أطلق امرأتي الأخرى لم يكن مولياً لأنه لا يلزمه بالوطء شيء وإن قال إن وطئتك فأنت زانية لم يكن مولياً لأنه لا يلزمه بالوطء حق لأنه لا يصير بوطئها قاذفاً لأن القذف لا يتعلق بالشرط لأنه لا يجوز أن تصير زانية بوطء الزوج كما لا تصير زانية بطلوع الشمس وإذا لم يصر قاذفاً لم يلزمه بالوطء حق فلم يجز أن يكون موليا وإن قال إن وطئتك فلله علي صوم هذا الشهر لم يكن مولياً لأن المولي هو الذي يلزمه بالوطء بعد أربعة أشهر حق أو يلحقه ضرر وهذا يقدر على وطئها بعد أربعة أشهر