إذا سلمت المرأة نفسها إلى زوجها وتمكن من الاستمتاع بها ونقلها إلى حيث يريد وهما من أهل الاستمتاع في نكاح صحيح وجبت نفقتها لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال:"اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف". وإن امتنعت من تسليم نفسها أو مكنت من استمتاع دون استمتاع أوفي منزل دون منزل أوفي بلد دون بلد لم تجب النفقة لأنه لم يوجد التمكين التام فلم تجب النفقة كما لا يجب ثمن المبيع إذا امتنع البائع من تسليم المبيع أو سلم في موضع دون موضع فإن عرضت عليه وبذلت له التمكين التام والنقل حيث يريد وهو حاضر وجبت عليه النفقة لأنه وجد التمكين التام وإن عرضت عليه وهو غائب لم يجب حتى يقدم هو أو وكيله أو يمضي زمان لو أراد المسير لكان يقدر على أخذها لأنه لا يوجد التمكين التام إلا بذلك وإن تسلم إليه ولم تعرض عليه حتى مضى على ذلك زمان لم تجب النفقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها ودخلت عليه بعد سنتين ولم ينفق إلا من حين دخلت عليه ولم يلتزم نفقتها لما مضى ولأنه لم يوجد التمكين التام فيما مضى فلم يجب بدله كما لا يجب بدل ما تلف من البيع في يد البائع قبل التسليم.
فصل: وإن سلمت إلى الزوج أو عرضت عليه وهي صغيرة لا يجامع مثلها ففيه قولان: أحدهما: تجب النفقة لأنها سلمت من غير منع والثاني: لا يجب وهو الصحيح لأنه لم يوجد التمكين التام من الاستمتاع وإن كانت كبيرة والزوج صغير ففيه قولان: أحدهما: لا تجب لأنه لم يوجد التمكين من الاستمتاع والثاني: تجب وهو الصحيح لأن التمكين وجد من جهتها وإن تعذر الاستيفاء من جهته فوجبت النفقة كما لو سلمت إلى الزوج وهو كبير فهرب منها وإن سلمت وهي مريضة أو رتقاء أو نحيفة لا يمكن وطؤها أو الزوج مريض أو محجوب أو حسيم لا يقدر على الوطء وجبت النفقة لأنه وجد التمكين من الاستمتاع وما تعذر فهو بسبب لا تنسب فيه التفريط.
فصل: وإن سلمت إليه ومكن من الاستمتاع بها في نكاح فاسد لم تجب النفقة لأن التمكين لا يصح مع فساد النكاح ولا يستحق ما في مقابلته.