للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حياتك ولم يشرط شيئاً ففيه قولان: قال في القديم: هو باطل لأنه تمليك عين قدرة بمدة فأشبه إذا قال أعمرتك سنة أو أعمرتك حياة زيد وقال في الجديد: هو عطية صحيحة ويكون للمعمر في حياته ولو ورثته بعده وهو الصحيح لما روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعمر عمرى حياته فهي له ولعقبه من بعده يرثها من يرثه من بعده١" ولأن الأملاك المستقرة كلها مقدرة بحياة المالك وتنتقل إلى الورثة فلم يكن ما جعله في حياته منافياً لحكم الأملاك والثالثة أن يقول أعمرتك حياتك فإن مت عادت إلي إن كنت حياً وإلى ورثتي إن كنت ميتاً فهي كالمسألة الثانية فتكون على قولين أحدهما تبطل والثاني تصح لأنه شرط أن تعود إليه بعد ما زال ملكه أو إلى وارثه وشرطه بعد زوال الملك لا يؤثر في حق المعمر فيصير وجوده كعدمه.

فصل: وأما الرقبى فهو أن يقول أرقبتك هذه الدار أو داري لك رقبى ومعناه وهبت لك وكل واحد منا يرقب صاحبه فإن مت قبلي عادت إلي وإن مت قبلك فهي لك فتكون كالمسألة الثالثة من العمرى وقد بينا أن الثالثة كالثانية فتكون على قولين وقال المزني: الرقبى أن يجعلها لآخرهما موتاً وهذا خطأ لما روى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعمر وأرقب رقبى فهي للمعتمر يرثها من يرثه٢".

فصل: ومن وجب على رجل دين جاز له أن يبرئه من غير رضاه من أصحابنا من قال: لا يجوز إلا بقبول من عليه الدين لأنه تبرع يفتقر إلى تعيين المتبرع عليه فافتقر إلى قبوله كالوصية والهبة ولأن فيه التزاماً منه فلم يملك من غير قبوله كالهبة والمذهب الأول لأنه إسقاط حق ليس فيه تمليك مال فلم يعتبر فيه القبول كالعتق والطلاق والعفو عن الشفعة والقصاص ولا يصح الإبراء من دين مجهول لأنه إزالة ملك لا يجوز تعليقه على الشرط فلم يجز مع الجهالة كالبيع والهبة.


١ رواه البخاري في كتاب الهبة باب ٣٢. مسلم في كتاب الهبات حديث ٣٠ - ٣٢. الترمذي في كتاب الأحكام باب ١٥. النسائي في كتاب العمري باب ١،٢. أحمد في مسنده "١/٢٥٠".
٢ المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>