المسألتين أنه سرق ولا يمين له تعلق الحد بالعضو الذي يقطع بعدها وإذا سرق وله يمين تعلق القطع بها فإذا ذهبت زال ما تعلق به القطع فسقط وإن سرق وله يد ناقصة الأصابع قطعت لأن اسم اليد يقع عليها وإن لم يبق غير الرحة ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا يقطع وينتقل الحد إلى الرجل لأنه قد ذهبت المنفعة المقصودة بها ولهذا لا يضمن بأرش مقدر فصار كما لولم يبق منها شيء والثاني: أنه يقطع ما بقي لأنه بقي جزء من العضو الذي تعلق به القطع فوجب قطعه كما لو بقيت أنملة إن سرق وله يد شلاء فإن قال أهل الخبرة إنها إذا قطعت انسدت عروقها قطعت وإن قالوا لا تنسد عروقها لم تقطع لأن قطعها يؤدي إلى أن يهلك.
فصل: وإذا قطع فالسنة أن يعلق العضو في عنقه ساعة لما روى فضالة بن عبيد قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسارق فأمر به فقطعت يده ثم أمر فعلقت في رقبته ولأن في ذلك ردعاً للناس ويحسم موضع القطع لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقال: "اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني" فقطع فأتى به فقال: "تب إلى الله تعالى" فقال تبت إلى الله تعالى فقال: "تاب الله عليك" والحسم هو أن يغلي الزيت غلياً جيداً ثم يغمس فيه موضع القطع لتنحسم العروق وينقطع الدم فإن ترك الحسم جاز لأنها مداواة فجاز تركها وأما ثمن الزيت وأجرة القاطع فهو في بيت المال لأنه من المصالح فإن قال أنا أقطع بنفسي ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا يمكن كما في القصاص والثاني: أنه يمكن لأن الحق لله تعالى والقصد به التنكيل وذلك قد يحصل بفعله بخلاف القصاص فإنه يجب للآدمي للتشفي فكان الاستيفاء إليه.
فصل: وإن وجب عليه قطع يمينه فأخرج يساره فاعتقد أنها يمينه أو اعتقد أن قطعها يجزئ عن اليمين فقطعها القاطع ففيه وجهان: أحدهما: وهو المنصوص أنه يجزئه عن اليمين لأن الحق لله تعالى ومبناه على المساهلة فقامت اليسار فيه مقام اليمين والثاني: أنه لا يجزئه لأنه قطع غير العضو الذي تعلق به القطع فعلى هذا إن كان القاطع تعمد قطع اليسار وجب عليه القصاص في يساره وإن قطعها وهو يعتقد أنها يمينه أو قطعها وهو يعتقد أن قطعها يجزئه عن اليمين وجب عليه نصف الدية.
فصل: إذا تلف المسروق في يد السارق ضمن بدله وقطع ولا يمنع أحدهما: الآخر لأن الضمان يجب لحف الآدمي والقطع يجب لله تعالى فلا يمنع أحدهما: الآخر كالدية والكفارة.