اختلفا في لفظه فكان القول فيه قوله وإن اتفقا على لفظ الحوالة ثم اختلفا فقال المحيل وكلتك وقال المحتال بل أحلتني ففيه وجهان: قال أبو العباس القول قول المحتال لأن اللفظ يشهد له ومن أصحابنا من قال القول قول المحيل وهو قول المزني لأنه يدعي بقاء الحق في الذمة والمحتال يدعي انتقال الحق من الذمة والأصل بقاء الحق في الذمة فإن قلنا بقول أبي العباس وحلف المحتال ثبتت الحوالة وبرئ المحيل وثبتت له مطالبة المحال عليه وإن قلنا بقول المزني فحلف المحيل ثبتت الوكالة فإن لم يقبض المال انعزل عن الوكالة بإنكاره إن كان قد قبض المال أخذه المحيل وهل يرجع هو على المحيل بدينه فيه وجهان: أحدهما لا يرجع لأنه أقر ببراءة ذمته من دينه والثاني له أن يرجع لأنه يقول إن كنت محتالاً فقد استرجع مني ما أخذته بحكم الحوالة وإن كنت وكيلاً فحقي باق في ذمته فيجب أن يعطيني وإن هلك في يده لم يكن للمحيل الرجوع عليه لأنه يقر بأن ماله تلف في يد وكيله من غير عدوان وليس للمحتال أن يطالب المحيل بحقه لأنه يقر بأنه استوفى حقه وتلف عنده وإن قال المحيل أحلتك وقال المحتال بل وكلتني فقد قال أبو العباس القول قول المحيل لأن اللفظ يشهد له وقال المزني: القول قول المحتال لأنه يدعي بقاء دينه في ذمة المحيل والأصل بقاؤه في ذمته فإن قلنا بقول أبي العباس فحلف المحيل برئ من دين المحتال وللمحتال مطالبة المحال عليه بالدين لأنه إن كان محتالاً فله مطالبته بمال الحوالة وإن كان وكيلاً فله المطالبة بحكم الوكالة فإذا قبض المال صرف إليه لأن المحيل يقول هو له بحكم الحوالة والمحتال يقول هو لي فيما لي عليه من الدين الذي لم يوصلني إليه وإن قلنا بقول المزني وحلف المحتال ثبت أنه وكيل فإن لم يقبض المال كان له مطالبة المحيل بماله في ذمته وهل يرجع المحيل على المحال عليه بشيء؟ فيه وجهان: أحدهما لا يرجع لأنه مقر بأن المال صار للمحتال والثاني يرجع لأنه إن كان وكيلاً فدينه ثابت في ذمة المحتال عليه وإن كان محتالاً فقد قبض المحتال المال منه ظلماً وهو مقر بأن ما في ذمة المحتال عليه للمحتال فكان له قبضه عوضاً عما أخذه منه ظلماً فإن كان قد قبض المال فإن كان باقياً صرف إليه لأنه قبضه بحوالة فهو له وإن قبضه بوكالة فله أن يأخذه عما له في ذمة المحيل وإن كان تالفاً نظرت فإن تلف بتفريط لزمه ضمان وثبت للمحيل عليه مثل ما ثبت له في ذمته فتقاصا وإن تلف من غير تفريط لم يلزمه الضمان لأنه وكيل ويرجع على المحيل بدينه ويبرأ المحال عليه لأنه إن كان محتالاً فقد وفاه حقه وإن كان وكيلاً فقد دفع إليه.