للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباس وأبو إسحاق وغيرهما: إن كانت في موضع لا يخاف عليها لأمانة أهله لم يجب عليه لأن غيره يقوم مقامه في حفظها وإن كان في موضع يخاف عليها لقلة أمانة أهله وجب لأن غيره لا يقوم مقامه فتعين عليه وحمل القولين على هذين الحالين فإن تركها ولم يأخذها لم يضمن لأن المال إنما يضمن باليد أو بالإتلاف ولم يوجد شيء من ذلك ولهذا لا يضمن الوديعة إذا ترك أخذها فكذلك اللقطة.

فصل: وإن أخذها اثنان كانت بينهما كما لو أخذا صيداً كان بينهما فإن أخذها واحداً وضاعت منه ووجدها غيره وجب عليه ردها إلى الأول لأنه سبق إليها فقدم كما لو سبق إلى موات فتحجره.

فصل: وإذا أخذها عرف عفاصها - وهو الوعاء الذي تكون فيه - ووكاءها - وهو الذي تشد به - وجنسها وقدرها لما روى زيد بن خلد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة فقال: "أعرف عفاصها ووكاؤها وعرفها سنة فإن جاء من يعرفها وإلا فاخلطها بمالك١" فنص على العفاص والوكاء وقسنا عليهما الجنس والقدر ولأنه إذا عرف هذه الأشياء لم تختلط بماله وتعرف به صدق من يدعيها وهل يلزمه أن يشهد عليها وعلى اللقيط؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدها لا يجب لأنه دخول في أمانة فلم يجب الإشهاد عليه كقبول الوديعة والثاني يجب لما روى عياض بن حمار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من التقط لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب٢" ولأنه إذا لم يشهد لم يؤمن أن يموت فتضيع اللقطة أو يسترق اللقيط والثالث أنه لا يجب على اللقطة لأنه اكتساب مال فلم يجب الإشهاد عليه كالبيع ويجب على اللقيط لأنه يحفظ به النسب فوجب الإشهاد عليه كالنكاح وإن أخذها وأراد الحفظ على صاحبها لم يلزمه التعريف لأن التعريف للتملك فإذا لم يرد التملك لم يجب التعريف فإن أراد أن يتملكها نظرت فإن كان مالاً له قد يرجع من ضاع منه في طلبه لزمه أن يعرفه سنة لحديث عبد الله بن


١ رواه البخاري في كتاب اللقطة باب ٢ - ٤. مسلم في كتاب اللقطة حديث ١،٢،٥ - ٧. أبو داود في كتاب اللقطة باب ١. الترمذي في كتاب الأحكام باب ٣٥. الموطأ في كتاب الأقضية حديث ٤٦.
٢ رواه أبو داود في كتاب اللقطة باب ٩. ابن ماجة في كتاب اللقطة باب ٢. أحمد في مسنده "٤/١٦٢،٢٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>