للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عمر قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: "الشرك بالله" قال ثم ماذا؟ قال: "عقوق الوالدين" قال ثم ماذا؟ قال: "اليمين الغموس" ١. قيل للشعبي ما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع بها مال امرئ وهو فيها كاذب. وروى عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين وهو فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله عز وجل وهو علي غضبان" ٢. وإن كان على مستقبل نظرت فإن كان على أمر مباح ففيه وجهان: أحدهما: الأولى أن لا يحنث لقوله عز وجل: {وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: ٩١] والثاني: أن الأولى أن يحنث لقوله عز وجل: {لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ} [المائدة: ٨٧] فإن حلف على فعل مكروه أوترك مستحب فالأولى أن يحنث لما روت أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه ثم ليفعل الذي هو خير".

فصل: وتكره اليمين بغير الله عز وجل فإن حلف بغيره كالنبي والكعبة والآباء والأجداد لم تنعقد يمينه لما روى ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله تعالى" ٣. وروي عن عمر رضي الله عنه قال: سمعني رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلف بأبي فقال: "إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" فقال عمر رضي الله عنه: والله ما حلفت بها ذاكرا ولا آثرا وإن قال: إن فعلت كذا وكذا فأنا يهودي أو نصراني أو أنا بريء من الله أومن الإسلام لم ينعقد يمينه لما روى بريد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف أنه بريء من الإسلام فإن كان كاذبا فقد قال وإن كان صادقاً فلم يرجع إلى الإسلام سالماً". لأنه يمين بمحدث فلم ينعقد كاليمين بالمخلوقات.

فصل: وتجوز اليمين بأسماء الله وصفاته فإن حلف من أسمائه بالله انعقدت يمينه لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشاً ثم قال: إن شاء الله". وإن حلف بالرحمن أو بالإله أو بخالق


١ رواه البخاري في كتاب الأيمان باب ١٦. الترمذي في كتاب تفسير سورة النساء باب ٦. النسائي في كتاب التحريم باب ٣. أحمد في مسنده ٢/٢٠١.
٢ رواه البخاري في كتاب الخصومات باب ٤. مسلم في كتاب الإيمان حديث ٢٢. أبو داود في كتاب الأيمان باب ١. الترمذي في كتاب البيوع باب ٤٢. أحمد في مسنده ١/٣٧٧.
٣ رواه البخاري في كتاب التوحيد باب ١٣. أبو داود في كتاب الأيمان باب ٤. الترمذي في كتاب النذور باب ٩. ابن ماجه في كتاب الكفارات باب ٢. الموطأ في كتاب النذور حديث ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>