فصل: وإن أسلم وتحته أختان أو امرأة وعمتها أو امرأة وخالتها وأسلمتا معه لزمه أن يختار إحداهما لما روي أن ابن الديلمي أسلم وتحته أختان فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اختر أيتهما شئت وفارق الأخرى" وإن أسلم وتحته أم وبنت وأسلمتا معه لم يخل إما أن لا يكون قد دخل بواحدة منهما أو دخل بهما أو دخل بالأم دون البنت أو بالبنت دون الأم فإن لم يكن دخل بواحدة منهما ففيه قولان: أحدهما يمسك البنت وتحرم الأم وهو اختيار المزني لأن النكاح في الشرك كالنكاح الصحيح بدليل أنه يقر عليه والأم تحرم بالعقد على البنت وقد وجد العقد والبنت لا تحرم إلا بالدخول بالأم ولم يوجد الدخول والقول الثاني وهو الصحيح أنه يختار من شاء منهما لأن عقد الشرك إنما تثبت له الصحة إذا انضم إليه الاختيار فإذا لم ينضم إليه الاختيار فهو كالمعدوم ولهذا لو أسلم وعنده أختان واختار إحداهما جعل كأنه عقد عليهما ولم يعقد على الأخرى فإذا اختار الأم صار كأنه عقد عليها ولم يعقد على البنت وإذا اختار البنت صار كأنه عقد عليها ولم يعقد على الأم فعلى هذا إذا اختار البنت حرمت الأم على التأبيد لأنها أم امرأته وإن اختار الأم حرمت البنت تحريم جمع لأنها بنت امرأة لم يدخل بها وإن دخل بها حرمت البنت بدخوله بالأم وأما الأم فإن قلنا إنها تحرم بالعقد على البنت حرمت لعلتين بالعقد على البنت وبالدخول بها وإن قلنا إنها لا تحرم بالعقد حرمت بعلة وهي الدخول وإن دخل بالأم دون البنت فإن قلنا إن الأم تحرم بالعقد على البنت حرمت الأم بالعقد على البنت وحرمت البنت بالدخول بالأم وإن قلنا إن الأم لا تحرم بالعقد على البنت حرمت بالبنت بالدخول بالأم وثبت نكاح الأم وإن دخل بالبنت دون الأم ثبت نكاح البنت وانفسخ نكاح الأم وحرمت في أحد القولين بالعقد وبالدخول وفي القول الآخر بالدخول.
فصل: وإن أسلم وتحته أربع إماء فأسلمن معه فإن كان ممن يحل له نكاح الأمة اختار واحدة منهن لأنه يجوز أن يبتدئ نكاحها فجاز له اختيارها كالحرة وإن كن ممن لا يحل له نكاح الأمة لم يجز أن يمسك واحدة منهن وقال أبو ثور: يجوز لأنه ليس بابتداء النكاح فلا يعتبر فيه عدم الطول وخوف العنت كالرجعة وهذا خطأ لأنه لا يجوز له ابتداء نكاحها فلا يجوز له اختيارها كالأم والأخت ويخالف الرجعة لأن الرجعة سد ثلمة في النكاح والاختيار إثبات النكاح في المرأة فصار كابتداء العقد وإن أسلم وتحته إماء وهو موسر فلم يسلمن حتى أعسر ثم أسلمن فله أن يختار واحدة منهن لأن وقت الاختيار عند اجتماع إسلامه وإسلامهن وهو في هذا الحال ممن يجوز له نكاح الأمة فكان له اختيارها