عقله بمحرم فلم يسقط عنه الفرض وأما الحائض والنفساء فلا يجب عليهما فعل الصلاة لما ذكرناه في باب الحيض فإن جن في حال الردة ففاته صلوات لزمه قضاؤها وإن حاضت المرأة في حال الردة ففاتها صلوات لم يلزمها قضاؤها لأن سقوط الصلاة عن المجنون للتخفيف والمرتد لا يستحق التخفيف وسقوط الصلاة عن الحائض عزيمة ليس لأجل التخفيف والمرتد من أهل العزائم.
فصل: ولا يؤمر أحد ممن لا يجب عليه فعل الصلاة بفعلها إلا الصبي فإنه يؤمر بفعلها لسبع ويضرب على تركها لعشر لما روى سمرة الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علموا الصبي الصلاة لسبع سنين واضربوه عليها ابن عشر١" فإن دخل في الصلاة ثم بلغ في أثنائها قال الشافعي رحمه الله تعالى: أحببت أن يتم ويعيد ولا يبين لي أن عليه الإعادة قال أبو إسحاق: يلزمه الإتمام ويستحب له أن يعيد وقوله أحببت يرجع إلى الجمع بين الإتمام والإعادة وهو الظاهر من المنصوص والدليل عليه أن صلاته صحيحة وقد أدركه الوجوب وهو فيها فلزمه الإتمام ولا يلزمه أن يعيد لأنه صلى الواجب بشروطه فلا يلزمه الإعادة وعلى هذا لو صلى في أول الوقت ثم بلغ في آخره أجزأه ذلك عن الفرض لأنه صلى صلاة الوقت بشروطها فلا يلزمه الإعادة وحكي عن أبي العباس مثل قول أبي إسحاق وحكي عنه أنه قال: يستحب الإتمام وتجب الإعادة فعلى هذا إذا صلى في أول الوقت ثم بلغ في آخره لزمه أن يعيد لأن ما صلى قبل البلوغ نفل فاستحب إتمامه ويلزمه أن يعيد لأنه أدرك وقت الفرض ولم يأت به فلزمه أن يأتي به ومن أصحابنا من قال: إن خرج منها ثم بلغ ولم يبق من وقتها ما يمكن قضاؤها فيه لم يلزمه الإعادة وإن بقي من وقتها ما يمكن قضاؤها فيه لزمه الإعادة وهذا غير صحيح لأنه لو وجبت الإعادة إذا بقي من الوقت قدر الصلاة لوجبت الإعادة إذا أدرك من الوقت مقدار ركعة.
فصل: ومن وجبت عليه الصلاة وامتنع من فعلها فإن كان جاحداً لوجوبها فهو كافر ويجب قتله بالردة لأنه كذب الله تعالى في خبره وإن تركها وهو معتقد لوجوبها
١ رواه الترمذي في كتاب المواقيت باب ١٨٢. أبو داود في كتاب الصلاة باب ٢٦.