المرأة تابعة للزوج في المكان ولهذا يجوز أن ينقلها إلى حيث شاء وإن كان محبوساً في موضع فإن أمكن حضورها فيه لم يسقط حقها من القسم لأنه يصلح للقسم فصار كالمنزل وإن لم يمكن حضورها فيه سقط القسم لأنه تعذر الاجتماع لعذر وإن كانت له امرأتان في بلدين فأقام في بلد إحداهما فإن لم يقم معها في منزل لم يلزمه القضاء بالمقام في بلد الأخرى لأن المقام في البلد معها ليس بقسم وإن أقام معها في منزلها لزمه القضاء للأخرى لأن القسم لا يسقط باختلاف البلاد كما لا يسقط باختلاف المحال.
فصل: ويستحب لمن قسم أن يسوي بينهن في الاستمتاع لأنه أكمل في العدل فإن لم يفعل جاز لأن الداعي إلى الاستمتاع الشهوة والمحبة ويمكن التسوية بينهن في ذلك ولهذا قال الله عز وجل: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}[النساء: ١٢٩] قال ابن عباس رضي الله عنه: تعني في الحب والجماع وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه ثم يقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملكه ولا أملكه".
فصل: ولا يجوز أن يخرج في ليلتها من عندها فإن مرض غيرها من النساء وخاف أن يموت وأكرهه السلطان جاز أن يخرج لأنه موضع ضرورة وعليه القضاء كما يترك الصلاة إذا أكره إلى تركها وعليه القضاء والأولى أن يقضيها في الوقت الذي خرج لأنه أعدل وإن خرج في آخر الليل وقضاه في أوله جاز لأن الجميع مقصود في القسم فإن دخل على غيرها بالليل فوطئها ثم عاد ففيه ثلاثة أوجه: أحدها يلزمه القضاء بليلة لأن الجماع معظم المقصود والثاني يدخل عليها في ليلة الموطوءة فيطؤها لأنه أقرب إلى التسوية والثالث أنه لا يقضيها بشيء لأن الوطء غير مستحق في القسم وقدره من الزمان لا ينضبط فسقط ويجوز أن يخرج في نهارها للمعيشة ويدخل إلى غيرها ليأخذ شيئاً أو يترك شيئاً ولا يطيل فإن أطال لزمه القضاء لأنه ترك الإيواء المقصود وإن دخل إلى غيرها في حاجه فقبلها جاز لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان يوم أو أقل يوم إلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا جميعاً ويقبل ويلمس فإذا جاء إلى التي هو يومها أقام عندها ولا يجوز أن يطأها لأنه معظم المقصود فلا يجوز في قسم غيرها فإن وطئها وانصرف ففيه وجهان: أحدهما أنه يلزمه أن يخرج في نهار الموطوءة ويطأها لأنه هو العدل والثاني لا يلزمه شيء لأن الوطء غير مستحق وقدره من الزمان لا ينضبط فسقط وإن كان عنده امرأتان فقسم لإحداهما مدة ثم طلق الأخرى قبل أن يقضيها ثم تزوجها لزمه قضاء حقه لأنه حق تأخر القضاء لعذر وقد زال فوجب كما لو كان عليه دين فأعسر ثم أيسر.