للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن نشزت مرة فيه قولان: أحدهما أنه يهجرها ولا يضربها لأن العقوبات تختلف باختلاف الجرائم ولهذا ما يستحق بالنشوز لا يستحق بخوف النشوز فكذلك ما يستحق بتكرر النشوز لا يستحق بنشوز مرة والثاني وهو صحيح أن يهجرها وبضربها لأنه يجوز أن يهجرها للنشوز فجاز أن يضربها كما لو تكرر منها فأما الوعظ فهو أن يخوفها بالله عز وجل وبما يلحقها من الضرر بسقوط نفقتها وأما الهجران فهو أن يهجرها في الفراش لما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في قوله عز وجل: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: ٣٤] قال لا تضاجعها في فراشك وأما الهجران بالكلام فلا يجوز أكثر من ثلاثة أيام لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام١" وأما الضرب فهو أن يضربها ضرباً غير مبرح ويتجنب المواضع المخوفة والمواضع المستحسنة لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بكتاب الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرب غير مبرح٢" ولأن القصد التأديب دون الإتلاف والتشويه.

فصل: وإن ظهرت من الرجل أمارات النشوز لمرض بها أو كبر سن ورأت أن تصالحه بترك بعض حقوقها من قسم وغيره جاز لقوله عز وجل: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً} [النساء: ١٢٨] وقالت عائشة رضي الله عنها: أنزل الله عز وجل هذه الآية في المرأة إذا دخلت في السن فتعجل يومها لامرأة أخرى فإن ادعى كل واحد منهما النشوز على الآخر أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقة ليعرف الظالم منهما فيمنع من الظلم فإن بلغا إلى الشتم والضرب بعث الحاكم


١ رواه البخاري في كتاب الأدب باب ٥٧، ٦٢. مسلم في كتاب البر حديث ٢٣، ٢٥. الترمذي في كتاب البر باب ٢١، ٢٤. أحمد في مسنده "١/١٧٦، ١٨٣".
٢ رواه مسلم في كتاب الحج حديث ١٤٧. أبو داود في كتاب المناسك باب ٥٦. ابن ماجة في كتاب المناسك باب ٨٤. أحمد في مسنده "٥/٧٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>