نية لأن استعمال هذا اللفظ في الزوج غير متعارف وإنما يقع به الطلاق مع النية من جهة المعنى فلم يقع به من غير نية كسائر الكنايات وإن قال له رجل ألك زوجة فقال لا فإن لم ينوبه الطلاق لم تطلق لأنه ليس بصريح وإن نوى به الطلاق وقع لأنه يحتمل الطلاق.
فصل: واختلف أصحابنا في الوقت الذي تعتبر فيه النية في الكنايات فمنهم من قال إذا قارنت النية بعض اللفظ من أوله أومن آخره وقع الطلاق كما أن في الصلاة إذا قارنت النية جزءاً منها صحت الصلاة ومنهم من قال لا تصح حتى تقارن إليه جميعها وهو أن ينوي ويطلق عقيبها وهو ظاهر النص لأن بعض اللفظ لا يصلح للطلاق فلم تعمل النية معه فأما الصلاة فلا تصح حتى تقارن النية جميعها بأن ينوي الصلاة ويكبر عقيبها ومتى خلا جزء من التكبير عن النية لم تصلح صلاته.
فصل: وأما ما لا يشبه الطلاق ولا يدل على الفراق من الألفاظ كقوله اقعدي واقربي واطعمي واسقيني وما أحسنك وبارك الله فيك وما أشبه ذلك فإنه لا يقع به الطلاق وإن نوى لأن اللفظ لا يحتمل الطلاق فلو أوقعنا الطلاق لأوقعناه بمجرد النية وقد بينا أن الطلاق لا يقع بمجرد النية.
فصل: واختلف أصحابنا في قوله أنت الطلاق فمنهم من قال هو كناية فإن نوى به الطلاق فهو طلاق لأنه يحتمل أن يكون معناه أنت طالق وأقام المصدر مقام الفاعل كقوله تعالى: {أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً}[الملك: ٣٠] أراد غائرا. وإن لم ينولم يقع لأن قوله أنت الطلاق لا يقتضي وقوع الطلاق ومنهم من قال هو صريح ويقع به الطلاق من غير نية لأن لفظ الطلاق يستعمل في معنى طالق والدليل عليه قول الشاعر:
أنوهت باسمي في العالمين ... وأفنيت عمري عاما فعاما
فأنت الطلاق وأنت الطلاق ... وأنت الطلاق ثلاثا تماما
وقال آخر:
فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن ... وإن تخرقي يا هند فالخرق آلم
فأنت الطلاق والطلاق عزيمة ... ثلاثا ومن يخرق أعق وأظلم
فبيني بها إن كنت غير رفيقة ... فما لامرئ بعد الثلاثة مقدم
فصل: واختلفوا فيمن قال لامرأته كلي واشربي ونوى الطلاق فمنهم من قال لا يقع