للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ١ - ٢] فوجبت الكفارة في الأمة بالآية وقسنا الحرة عليها لأنها في معناها في تحليل البضع وتحريمه وإن قال أنت علي حرام ولم ينو شيئاً ففيه قولان: أحدهما: تجب عليه الكفارة فعلى هذا يكون هذا اللفظ صريحاً في إيجاب الكفارة لأن كل كفارة وجبت بالكناية مع النية كان لوجوبها صريح ككفارة الظهار والثاني: لا يجب فعلى هذا لا يكون هذا اللفظ صريحاً في شيء لأن ما كان كناية في جنس لا يكون صريحاً في ذلك الجنس ككنايات الطلاق وإن قال لأمته أنت علي حرام فإن نوى به العتق كان عتقاً لأنه يحتمل أنه أراد تحريمها بالعتق وإن نوى الظهار لم يكن ظهاراً لأن الظهار لا يصح من الأمة وإن نوى تحريم عينها لم تحرم ووجب عليه كفارة يمين لما ذكرناه وإن لم يكن له نية ففيه طريقان: من أصحابنا من قال يجب عليه الكفارة قولاً واحدا لعموم الآية ومنهم من قال فيه قولان كالقولين في الزوجة لما ذكرناه وإن كان له نسوة أو إماء فقال أنتن علي حرام ففي الكفارة قولان: أحدهما: يجب لكل واحدة كفارة والثاني: يجب كفارة واحدة كالقولين فيمن ظاهر من نسوة وإن قال لامرأته أنت علي كالميتة والدم فإن نوى به الطلاق فهو طلاق وإن نوى به الظهار فهو ظهار وإن نوى به تحريمها لم تحرم وعليه كفارة يمين لما ذكرناه في لفظ التحريم وإن لم ينو شيئاً فإن قلنا إن لفظ التحريم صريح في إيجاب الكفارة لزمته الكفارة لأن ذلك كناية عنه وإن قلنا إنه كناية لم يلزم شيء لأن الكناية لا يكون لها كناية.

فصل: إذا كتب طلاق امرأته بلفظ صريح ولم ينولم يقع الطلاق لأن الكتابة تحتمل إيقاع الطلاق وتحتمل امتحان الخط فلم يقع الطلاق بمجردها وإن نوى به الطلاق ففيه قولان: قال في الإملاء لا يقع به الطلاق لأنه فعل ممن يقدر على القول فلم يقع به الطلاق كالإشارة وقال في الأم هو طلاق وهو صحيح لأنها حروف يفهم منها الطلاق فجاز أن يقع بها الطلاق كالنطق فإذا قلنا بهذا فهل يقع بها الطلاق من الحاضر والغائب فيه وجهان: أحدهما: أنه يقع بها إلا في حق الغائب لأنه جعل في العرف لإفهام الغائب كما جعلت الإشارة لإفهام الأخرس ثم لا يقع الطلاق بالإشارة إلا في حق الأخرس وكذلك لا يقع الطلاق بالكتابة إلا في حق الغائب والثاني: أنه يقع بها من الجميع لأنها كناية فاستوى فيها الحاضر والغائب كسائر الكنايات.

فصل: فإن أشار إلى الطلاق فإن كان لا يقدر على الكلام كالأخرس صح طلاقه

<<  <  ج: ص:  >  >>