الطلاق وعلق رفعه بمشيئة الله تعالى ومشيئة الله لا تعلم فسقط حكم رفعه وبقي حكم ثبوته ويخالف إذا قال أنت طالق إن شاء الله فإنه علق الوقوع على مشيئة الله تعالى.
فصل: ولا يصح الاستثناء في جميع ما ذكرناه إلا أن يكون متصلاً بالكلام فإن انفصل عن الكلام من غير عذر لم يصح لأن العرف في الاستثناء أن يتصل بالكلام فإن انفصل لضيق النفس صح الاستثناء لأنه كالمتصل في العرف ولا يصح إلا أن يقصد إليه فأما إذا كانت عادته في كلامه أن يقول إن شاء الله فقال إن شاء الله على عادته لم يكن استثناء لأنه لم يقصده واختلف أصحابنا في وقت نية الاستثناء فمنهم من قال لا يصح إلا أن يكون ينوي ذلك من ابتداء الكلام ومنهم من قال إذا نوى قبل الفراغ من الكلام جاز.
فصل: إذا قال يا زانية أنت طالق إن شاء الله أو أنت طالق يا زانية إن شاء الله رجع الاستثناء إلى الطلاق ولا يرجع إلى قوله يا زانية لأن الطلاق إيقاع فجاز تعليقه بالمشيئة وقوله يا زانية صفة فلا يصح تعليقها بالمشيئة ولهذا يصح أن يقول أنت طالق إن شاء الله ولا يصح إن يقول أنت زانية إن شاء الله وإن كانت له امرأتان حفصة وعمرة فقال حفصة وعمرة طالقان إن شاء الله لم تطلق واحدة منهما وإن قال حفصة طالق وعمرة طالق إن شاء الله فقد قال بعض أصحابنا تطلق حفصة ولا تطلق عمرة لأن الاستثناء يرجع إلى ما يليه وهو طلاق عمرة ويحتمل عندي أن لا تطلق واحدة منهما لأن المجموع بالواو كالجملة الواحدة.
فصل: وإن طلق بلسانه واستثنى بقلبه نظرت فإن قال أنت طالق ونوى بقلبه إن شاء الله لم يصح الاستثناء ولم يقبل في الحكم ولا يدين فيه لأن اللفظ أقوى من النية لأن اللفظ يقع به الطلاق من غير نية والنية لا يقع بها الطلاق من غير لفظ فلو أعملنا النية لرفعنا القوي بالضعيف وذلك لا يجوز كنسخ الكتاب بالسنة وترك النص بالقياس وإن قال نسائي طوالق واستثنى بالنية بعضهم دين فيه لأنه لا يسقط اللفظ بل يستعمله في بعض ما يقتضيه بعمومه وذلك يحتمل فديه فيه ولا يقبل في الحكم وقال أبو حفص الباب بشامي: يقبل في الحكم لأن اللفظ يحتمل العموم والخصوص وهذا غير صحيح لأنه وإن احتمل الخصوص إلا أن الظاهر العموم فلا يقبل في الحكم دعوى الخصوص فإن قال امرأتي طالق ثلاثا واستثنى بقلبه إلا طلقة أو طلقتين لم يقبل في الحكم لأنه يدعي خلاف ما يقتضيه اللفظ وهل يدين فيه وجهان: أحدهما: يدين لأنه لا يسقط حكم اللفظ وإنما يخرج بعض ما يقتضيه فدين فيه كما لو قال نسائي طوالق واستثنى بالنية بعضهن والثاني: لا يدين وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني رحمه الله لأنه يسقط ما يقتضيه