للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في موضع يقصده الناس من البعد فالمستحب الإبراد بها بمقدار ما يحصل فيء يمشي فيه القاصد إلى الصلاة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم١" وفي صلاة الجمعة وجهان: أحدهما أنها كالظهر لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتد البرد بكر بها وإذا اشتد الحر أبرد بها والثاني أن تقديمها أفضل بكل حال لأن الناس لا يتأخرون عنها لأنهم قد ندبوا إلى التبكير إليها فلم يكن للتأخير وجه وأما العشاء ففيها قولان: قال في القديم والإملاء: تقديمها أفضل وهو الأصح لما ذكرناه في سائر الصلوات وقال في الجديد: تأخيرها أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء والسواك عند كل صلاة٢".

فصل: وآكد الصلاة في المحافظة عليها الصلاة الوسطى لأن الله عز وجل خصها بالذكر فقال: {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] والصلاة الوسطى هي الصبح والدليل عليه أن الله تعالى قال: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:٢٣٨] فقرنها بالقنوت ولا قنوت إلا في الصبح ولأن الصبح يدخل وقتها والناس في أطيب نوم فخصت بالمحافظة عليها حتى لا يتغافل عنها بالنوم ولهذا خصت بالتثويب فدل على ما قلناه

فصل: ويجوز تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لقوله صلى الله عليه وسلم "أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله٣" ولأنا لو لم نجوز التأخير لضاق على الناس فسمح لهم بالتأخير فإن صلى ركعة في الوقت ثم خرج الوقت ففيه وجهان: أحدهما وهو ظاهر المذهب وهو قول أبي علي بن خيران أنه يكون مؤدياً للجميع لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" ومن أصحابنا من قال: يكون مؤدياً لما صلى في الوقت قاضياً لما صلى بعد خروج الوقت اعتباراً بما أدركه من الوقت وبما صلى بعد خروج الوقت


١ رواه البخاري في كتاب الموقيت باب ٩، ١٠. أبو داود في كتاب الصلاة باب ٤. الترمذي في كتاب الصلاة باب ٥. النسائي في كتاب المواقيت باب ٥. أحمد في مسنده "٢/٢٢٩، ٢٣٨".
٢ رواه مسلم في كتاب الإمارة حديث ١٠٣،١٠٦ البخاري في كتاب الإيمان باب ٢٦. أبو داود في كتاب الطهارة باب ٢٥. الترمذي في كتاب الطهارة باب ٢٥. الترمذي في كتاب الطهارة باب ١٨ الموطأ في كتاب الطهارة حديث ١١٤. أحمد في مسنده "١/٨٠" ٢/٢٨".
٣ رواه الترمذي في كتاب الصلاة باب ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>